فإذا حضرت يوم القيامة بين يدي الله جل جلاله وبين يدي رسوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقالا لك : كيف جاز لك أن تقلد قوما في عملهم وفعلهم وقد عرفت منهم مثل هذه الأمور الهائلة ، فأي عذر وأي حجة تبقى لك عند الله وعند رسوله في تقليدهم فبهت وحارحيرة عظيمة.
فقلت له : أما تعرف في صحيحي البخاري ومسلم في مسند جابر ابن سمرة وغيره أن النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ قال في عدة أحاديث : لا يزال هذا الدين عزيزا ماوليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ، وفي بعض أحاديثه ـ عليه وآله والسلام ـ من الصحيحين : لايزال امر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش (١).
وأمثال هذه الألفاظ كلها تتضمن هذا العدد الاثنا عشر فهل تعرف في الأسلام فرقة تعتقد هذا العدد غير الأمامية الاثني عشرية فإن كانت هذه أحاديث صحيحة كما شرطت على نفسك في تصحيح ما نقله البخاري ومسلم ، فهذه مصححة لعقيدة الأمامية وشاهدة بصدق ما رواه سلفهم وإن كانت كذبا فلأي حال رويتموها في صحاحكم.
فقال : ما أصنع بمارواه البخاري ومسلم من تزكية أبي بكر وعمر
__________________
الفخر الرازي ج ٢٩ ، ص ٢٧٢ ، كنز العمال ج ٣ ص ١٥٥ ، كفاية الطالب ص ١٣٥ ، الثعالبي ج ٤ ص ٢٧٩ ـ ٢٨٠ منشورات الاعلمي بيروت ، سفينة البحار ج ٢ ص ٥٧٩ ، الكشاف للزمخشري ج ٤ ص ٤٩٣ ـ ٤٩٤ ، نشر الكتاب العربي بيروت ، الحاكم في المستدرك ج ٢ ص ٤٨٢ ، فرائد السمطين ج ١ ص ٣٥٧ ح ٢٨٣ وص ٣٥٨ ح ٢٨٤.
وكان ابن عمر يغبط امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ على هذه الفضيلة التي لم يسبقه ولم يلحقه إليها احد ، وكان يقول : كان لعلي ثلاثة ، لو كان لي واحدة منها ، كانت أحب إلي من حمر النعم : تزويجه بفاطمة ـ عليها السلام ـ ، واعطاء الراية يوم خيبر ، وآية النجوى. منتخب كنز العمال المطبوع في هامش مسند أحمد ج ٥ ص ٣٥ ، وكفاية الطالب ص ١٣٧.
(١) تقدمت تخريجاته.