فاعلم أني كنت في سنة ثمان وسبعين وثمانمائة مجاورا في مشهد الرضا ـ عليه السلام ـ ، وكان منزلي السيد الأجل ، والكهف الأظل وسيد محسن بن محمد الرضوي القمي ، وكان من أعيان أهل المشهد وساداتهم ، بارزا على أقرانه بالعلم والعمل ، وكان هو وكثير من أهل المشهد يشتغلون معي في علم الكلام والفقه ، فأقمنا على ذلك مدة ، فورد علينا من الهراة (١) خال السيد محسن ، وكان مهاجرا فيها لتحصيل العلم.
فقال : إن السبب في ورودي عليكم ما ظهر عندنا بالهراة من اسم هذا الشيخ العربي المجاور بالمشهد ، وظهور فضله بالعلم والأدب ، فقدمت لأستفيد من فوائده شيئا ، وخلفي رجل من أهل كيج ومكران (٢) ولكنه من قريب سنتين متوطن الهراة ، مصاحب لعلمائها يطلبون منه فنون العلم ، وقد صار الان مبرزا في كثير من الفنون ، مثل علم النحو ، والصرف ، والمنطق ، والكلام ، والمعاني ، والبيان ، والأصول ، والفقه ، وغير ذلك ، وهو عامي المذهب.
__________________
(١) هراة : مدينة عظيمة مشهورة من امهات مدن خراسان ، فيها بساتين كثيرة ومياه غزيرة إلا أن التتار خربوها وقال الشاعر فيها :
هراة أرض خصبها واسع |
|
ونبتها اللقاح والنرجس |
ما أحد منها إلى غيرها |
|
يخرج إلا بعد ما يفلس |
(مراصد الاطلاع : ج ٣ ـ ص ١٤٥٥) ، وهي اليوم من مدن أفغانستان المعروفة.
(٢) مكران : ولاية واسعة تشتمل على مدن وقرى ، غربيها كرمان ، وسجستان شماليها ، والبحر جنوبيها.
وإياها عنى عمر بن معد يكرب بقوله :
قوم هم ضربوا الجبابر إذ بغوا |
|
بالمشرفية من بنى ساسان |
حتى استبيح قرى السواد وفارس |
|
والسهل والأجبال من مكران |
انظر : مراصد الأطلاع ج ٣ ص ١٣٠١.