قال : لا يا أمير المؤمنين.
قال : لكني أدري.
قال : ما هو يا أمير المؤمنين؟
قال : كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة ، فيجخفوا جخفا (١) ، فنظرت قريش لنفسها فاختارت ووفقت فأصابت.
فقال ابن عباس : أيميط أمير المؤمنين عني غضبه فيسمع؟
قال : قل ما تشاء.
قال : أما قول أمير المؤمنين : إن قريشا كرهت ، فإن الله تعالى قال لقوم : (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) (٢).
واما قولك : (إنا كنا نجخف) ، فلو جخفنا بالخلافة جخفنا بالقرابة ، ولكنا قوم أخلاقنا مشتقة من خلق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ الذي قال الله تعالى : (وإنك لعلى خلق عظيم) (٣) ، وقال له : (واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) (٤).
وأما قولك : «فإن قريشا اختارت» ، فإن الله تعالى يقول : (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) (٥) وقد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار (٦) ، فلو نظرت قريش من حيث نظر
__________________
(١) جخف : تكبر.
(٢) سورة محمد : الاية ٩.
(٣) سورة ن : الاية ٢١٥.
(٤) سورة الشعراء : الاية ٢١٥.
(٥) سورة القصص : الاية ٦٨.
(٦) هذه الكلمة من ابن عباس تدل على أنه من المتسالم عليه عندهم أن الخلافة قد ثبتت بالنص