أخبرك به ، فتزول منزلتك عندي.
قال : وما هو يا أمير المؤمنين؟ أخبرني به ، فإن يك باطلا فمثلي أماط الباطل عن نفسه ، وإن يك حقا فإن منزلتي لا تزول به.
قال : بلغني أنك لا تزال تقول : أخذ هذا الأمر منك حسدا وظلما.
قال : أما قولك يا أمير المؤمنين : (حسدا) ، فقد حسد إبليس آدم ، فأخرجه من الجنة ، فنحن بنو آدم المحسود.
وأما قولك : (ظلما) فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو!
ثم قال : يأمير المؤمنين ، ألم تحتج العرب على العجم بحق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، واحتجت قريش على سائر العرب بحق رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ! فنحن أحق برسول الله من سائر قريش.
فقال له عمر : قم الان فارجع إلى منزلك ، فقام ، فلما ولى هتف به عمر : أيها المنصرف ، إني على ما كان منك لراع حقك!
فالتفت ابن عباس فقال : إن لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى كل المسلمين حقا برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، فمن حفظه فحق نفسه حفظ ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع ، ثم مضى.
فقال عمر لجلسائه : واها لا بن عباس ، ما رأيته لاحى أحدا قط إلا خصمه! (١).
__________________
(١) شرح النهج لابن ابي الحديد ج ١٢ ص ٥٢ ـ ٥٥ ، تاريخ الطبري ج ٤ ص ٢٢٣ ، الكامل لابن الاثير ج ٣ ص ٦٢ (في حوادث سنة ٢٣) ، الايضاح لابن شاذان ص ٨٧.