إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) (١) فالكتاب هو النبوة ، والحكمة هي السنة ، والملك هو الخلافة ، فنحن آل إبراهيم ، والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة.
وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة ، فليس كذلك ، وحجتنا أضوأ من الشمس وأنور من القمر ، كتاب الله معنا ، وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وآله ـ فينا ، وإنك لتعلم ذلك ، ولكن ثنى عطفك وصعرك (٢) قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك ، فلا تبك على أعظم حائلة وأرواح في النار هالكة ، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك ، وأحلها الكفر ، ووضعها الدين.
وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا ، وعدولهم عن الأجماع علينا ، فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم ، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه ، وزال باطله.
وأما افتخارك بالملك الزائل ، الذي توصلت إليه بالمحال الباطل ، فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله ، وما تملكون يوما يا بني أمية الا
__________________
(١) سورة النساء : الاية ٥٤. والجدير بالذكر أن هذه الاية الشريفة نزلت في أهل البيت ـ عليهم السلام ـ وأنهم هم المحسودون ، كما ورد عن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ في تفسير هذه الاية انه قال : نحن الناس المحسودون والله. راجع : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفي ج ١ ص ١٨٣ ح ١٩٥ ـ ١٩٨ ، مناقب الامام علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ لابن المغازلي الشافعي ص ٢٦٧ ح ٣١٤ ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص ٢٩٨ ، الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص ١٥٢ ، نور الابصار للشبلنجي ص ١٠٢ ط السعيدية وص ١٠١ ط العثمانية ، اسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الأبصار ص ١٠٨ ط السعيدية وص ١٠٠ ط العثمانية ، الغدير للاميني ج ٣ ص ٦١.
(٢) قال الجوهري : (يقال ثني فلان عني عطفه ، إذا عرض عنك. وقال : صعر خده وصاعر : أي أماله من الكسر). ومنه قوله تعالى : (ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق) سورة الحج : الاية ٩ ، صحاح الجوهري ج ٤ / ص ١٤٠٥.