وسعيدا ، ثم اختار على علم واصطفى وانتخب منهم محمدا ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، فانتخبه بعلمه ، واصطفاه برسالته ، وائتمنه على وحيه ، وبعثه رسولا ومبشرا ونذيرا ووكيلا فكان أول من أجاب وأناب وآمن وصدق وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ صدقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه بنفسه كل هول ، وحارب حربه ، وسالم سلمه ، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الليل والنهار والخوف والجوع والخضوع ، حتى برز سابقا لا نظير له فيمن اتبعه ، ولا مقارب له في فعله ، وقد رأيتك تساميه وأنت أنت ، وهو هو ، أصدق الناس نية ، وأفضل الناس ذرية ، وخير الناس زوجة ، وأفضل الناس ابن عم ، أخوه الشاري بنفسه يوم مؤتة ، وعمه سيد الشهداء يوم أحد ، وأبوه (١) الذاب عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وعن حوزته ،
__________________
(١) هو : عبد مناف ـ قيل عمران ـ ، بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ كافله وكاشف كربه ، وابو الائمة الاطهار ـ عليهم السلام ـ ، وهو الذي كفل الرسول صغيرا وحماه وحاطه كبيرا ومنعه من مشركي قريش ولقى لاجله عناءا عضيما وقاسى بلاء شديدا ، وصبر على نصره والقيام بأمره ، وقد جاء في الخبر أنه لما توفي أبو طالب أوحى الله للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وقيل له اخرج منها فقد مات ناصرك.
فقد كان ـ عليه اسلم ـ بحقنعم الناي والكافل والمحامي المجاهد بالنفس والولد والأهل ، والى هذا ، يشير ابن أبي الحديد المعتزلي في ميميته العصماء :
ولو لاأبو طالب وابنه |
|
لما مثل الدين شخصا فقاما |
فذاك بمكة آوى وحامى |
|
وهذا بيثرب جس الحماما |
فلله ذا فاتا للهدى |
|
ولله ذا للمعالي ختاما |
والادلة والشواهد على ايمان ابي طالب ـ عليه السلام ـ ظاهرة كظهور الشمس في رابعة النهار لاتخفى على من له ادنى بصيرة إلا أن حاسدي ومبغضي امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ