من الأخير إلاّ أن خرج مع أربعة آلاف من أهل الكوفة وحاصر قصر ابن زياد ، إلاّ أن أهل الكوفة ما زالوا يتخاذلون عن مسلم بن عقيل حتّى بقي معه ثلاثون رجلاً من أربعة آلاف ، فقُتل (رحمه الله) يوم عرفة.
وكان الحسين رضي الله عنه قد خرج قاصداً العراق يوم التروية ، وكان كثير من الصحابة نهوا الحسين عن الخروج ، منهم : أبو سعيد الخدري ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عباس ، وكذلك أخوه محمّد بن الحنفيّة ، وابن الزبير ، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
قال الشعبي : كان ابن عمر بمكّة ، فلمّا علم أنه توجّه إلى العراق لحق به إلى العراق على مسيرة ثلاثة أميال ، فقال : أين تريد؟
فقال : «العراق». وأخرج له الكتب التي اُرسلت له من العراق ، وأنهم معه.
فقال له : «هذه كتبهم وبيعتهم».
فقال ابن عمر : لا تأتيهم ، فأبى الحسين إلاّ أن يذهب.
فقال ابن عمر : إني محدّثك حديثاً : إنّ جبريل أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولن يريد الدنيا ، وأنك بضعة منه. والله ، لا يليها أحد منكم أبداً ، ولا صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير لكم. أبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر فبكى ، وقال : استودعك الله من قتيل.
وكلّمه أبو سعيد الخدري ، قال : يا أبا عبد الله ، إنّي ناصح لك ، وإني عليكم مشفق ، وقد بلغنا أنّ قوماً من شيعتكم قد كاتبوكم من الكوفة ، فلا تخرج إليهم فإني سمعت أباك يقول :