وتعرين وتكسيني ، وتمنعين نفسك من طيب الطعام وتطعميني ، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة ، ثمّ أمر صلىاللهعليهوآله أن تغسل ثلاثاً ، فلمّا بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلىاللهعليهوآله بيده ، ثمّ خلع قميصه فألبسها إيّاه ولفّها فوقه ، ثمّ دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله اُسامة وأبا أيّوب وغلاماً أسود يحفرون قبرها ، فلمّا بلغوا اللحد حفره رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخرج ترابه بيده ، فلمّا فرغ دخل فاضطجع فيه ، ثمّ قال : الحمد لله الذي يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت ، [ اللّهمّ ] (١) اغفر لاُمّي فاطمة بنت أسد ، ولقّنها حجّتها ، ووسّع عليها مدخلها ، بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي ، فإنّك أرحم الراحمين.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآله بعد وضعها في اللحد : يا فاطمة ، أنا محمّد سيّد ولد آدم ولا فخر ، فإذا أتاك منكر ونكير فسألاك : من ربّك؟ فقولي : الله ربّي ، ومحمد نبيّي ، والاسلام ديني ، والقرآن كتابي ، وابني عليّ إمامي ووليّي.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : اللهم ثبّت فاطمة بالقول الثابت ، ثمّ ضرب بيده اليمنى على اليسرى فنفضهما ، ثم قال : والذي نفس محمّد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي.
وروي أنّه صلىاللهعليهوآله كبّر عليها أربعين تكبيرة ، فسأله عمّار عن ذلك ، فقال : يا عمّار ، التفتّ عن يميني فنظرت أربعين صفّاً من الملائكة ، فكبّرت لكلّ صفّ تكبيرة.
وفي خبر آخر : يا عمّار ، إنّ الملائك قد ملأت الفضاء ، وفتح لها باب من الجنّة ، ومهّد لها مهاد من مهاد الجنّة ، وبعث إليها بريحان من ريحان الجنّة ، فهي
__________________
١ ـ من الفصول المهمّة.