راجعوه (١) ، ثمّ أغروا به سفهاءهم ، فقعدوا له صفّين على طريقه.
فلمّا مرّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بين صفّيهم جعلوا لا يرفع قدماً ولا يضعها الا رضخوها بالحجارة حتى أدموا رجليه ، فخلص منهم وهما تسيلان بالدماء ، فعمد إلى حائط من حوائطهم ، واستظلّ بظلّ حُبلة ـ وهي الكرمة ـ وهو مكروب موجع تسيل رجلاه دماً ، فإذا في الحائط عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وهما من بني عبد شمس ، وهما من أكابر قريش ، وكان لهم أموال بالطائف ، فلمّا رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله ولرسوله.
وكلاهما قتلا يوم بدر وقتل معهما الوليد بن عتبة ، قتل عتبة أبو عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب ، ضربه على هامته بالسيف فقطعها ، وضرب هو عبيدة بن الحارث على ساقه فأطنّها (٢) فسقطا جميعاً ، وحمل شيبة ـ أخوه ـ على حمزة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما ، وحمل أمير المؤمنين عليهالسلام على الوليد فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه.
قال عليّ صلوات الله عليه : لقد أخذ الوليد يمينه بشماله فضرب بها هامتي ، فظننت أنّ السماء سقطت على الأرض ، ثمّ اعتنق حمزة وشيبة ، فقال المسلمون : يا عليّ ، أما ترى ا لكلب فقد أنهر (٣) عمّك؟ فحمل عليه علي عليهالسلام ، ثم قال لحمزة : يا عمّ ، طأطئ رأسك ـ وكان حمزة أطول من شيبة ـ فأدخل حمزة رأسه في صدره ، فضربه عليّ صلوات الله عليه فطرح نصف
__________________
١ ـ في إعلام الورى : وأفشوا في قومهم الذي راجعوه به.
٢ ـ أي قطعها.
٣ ـ أنهر الطعنة : وسّعها. وأنهَرتُ الدم : أي أسلته. « لسان العرب : ٥ / ٢٣٧ ـ نهر ـ ».
وفي مناقب ابن شهراشوب : يهرّ.
يقال : هرّ الكلب يَهِرُّ هريراً : إذا نَبَحَ وكَشَرَ عن أنيابه. « لسان العرب : ٥ / ٢٦١ ـ هرر ـ ».