المحراب (١) ، حليف المسجد والمحراب ، قاصم العُداة ، وقاسم العِدات ، في المعركة ليث ، وفي المخمصة (٢) غيث ، طريقه أبلج ، ونهجه أوضح منهج ، بابه عند سدّ الأبواب مفتوح ، وصدره لتلقّي نفحات الرحمن مشروح.
كم عنيد بصارمه شدخ؟ وكم صنديد ببطشه دوّخ؟ وكم ريح للشرك أركد؟ وكم نار للظلم أخمد؟ وكم صنم جعله جذاذاً؟ وكم وثن تركه أفلاذاً؟ قسيم الجنّة والنار ، وسيّد المهاجرين والأنصار ، وحياة المجديين لدى الاغوار ، ونكال الظالمين يوم البوار ، جعله الله للمصطفى ختناً ونفساً ، وله الزهراء سكناً وعرساً ، ورفع له فوق عرش المجد عرشاً ، وخلقه أشدّ خلقة قوّة وإيماناً وبطشاً.
كم أسد بثعلب رمحه قنص؟ وكم صنديد حذراً من حسامه كعَ وقعص؟ أعلم من على وجه الأرض ، بالكتاب والسنّة والفرض ، الإيمان بحبّه منوط ، والكفر ببغضه مسوط (٣) ، أفصح من لفظ ، وأنصح من وعظ ، وأتقى من سجد لله وركع ، وأخشى من خشي الرحمن بالغيب وخضع ، حلل الإمامة ربّنا على هامة مجده أفرغ ، ولبوس الزعامة نبيّنا على قدّ قامته فصّل وأسبغ ، وله بالرئاسة العامّة فضّل وشرّف ، ولأسماع أوليائه بذكر مناقبه لَذّذ وشَنّفَ ، شهد الله له بالاخلاص وصدق ، لما انّه بخاتمه في ركوعه تصدّق.
الزاهد السالك ، العابد الناسك ، العالم العامل ، الوليّ الكامل ، صراط الله المستقيم ، ونهجه القويم ، وأمينه المأمون ، وخازن سرّه المخزون ، النجم في منزله هوى ، والرسول في نصبه علماً للمسلمين ما ضلّ وما غوى ولا ينطق عن
__________________
١ ـ المِحراب : شديد الحرب ، شُجاع. « لسان العرب : ١ / ٣٠٣ ـ حرب ـ ».
٢ ـ المخمَصة : الجوع ، المجاعة.
٣ ـ مَسوطٌ : أي ممزوجٌ ومخلوطٌ. « لسان العرب : ٧ / ٣٢٦ ـ سوط ـ ».