وقال الزمخشري في الفائق (١) : تُرِك في حال الجرّ على لفظه في حال الرفع ، لأنّه اشتهر بذلك وعُرف ، فجَرى مجرى المثل الّذي لا يغيّر. (٢)
وأمّا إخلاصه وسبقه بالجهاد والأعمال الصالة التي لم يقصد بها إلا وجه الله فقد شهد الله له بها في كتابه ، وكذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله .
روي أنّه لمّا اُسر العبّاس بن عبد المطّلب [ يوم بدر ] (٣) أقبل المسلمون يعيّرونه بكفره بالله وقطيعة الرحم ، وأغلظ له أمير المؤمنين عليهالسلام القول ، فقال العبّاس : ما لكم تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسننا؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : ألكم محاسن؟
فقال : نعم ، إنّا لنعمّر المسجد الحرام [ ، ونحجب الكعبة ، ونسقي الحاجّ ، ونفكّ العاني (٤) ، فأنزل الله تعالى ـ ردّاً على العباس ووفاقاً لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ـ ] (٥) : ( مَا كَانَ لِلمُشرِكِينَ أَن يَعمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ ) (٦) الآية ، ثمّ قال : ( إنَّمَا يَعمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ ) (٧) الآية ، ثم قال : ( أجَعَلتُم سِقَايَةَ الحَاجِّ وَعِمَارَةَ المَسجِدِ الحَرَامِ كَمَن آمَنَ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ ) (٨) الآية. (٩)
وروى إسماعيل بن خالد ، عن عامر. وابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عبّاس. ومقاتل ، عن الضحّاك ، عن ابن عبّاس ، والسدّي ، عن أبي صالح. وابن
____________
١ ـ الفائق في غريب الحديث : ١ / ١٤.
٢ ـ مناقب ابن شهراشوب : ٢ / ٤٦ ـ ٤٧ ، عنه البحار : ٤٠ / ١٦١ ـ ١٦٢.
٣ و ٥ ـ من المناقب.
٤ ـ العاني : الأسير.
٦ و ٨ ـ سورة التوبة : ١٧ ـ ١٩.
٩ ـ أسباب النزول للواحدي : ١٦٣.