قالوا : أخبرنا أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء (١)؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : نحن ليس الرجال حكّمنا ، وإنّما حكّمنا القرآن ، والقرآن إنّما هو خطّ مسطور بين دفّتين لا ينطق ، وإنّما يتلكّم به الرجال.
قالوا : فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك وبينهم؟
قال : ليعلم الجاهل ، ويثبت العالم ، ولعلّ الله يصلح في هذه المدّة هذه الاُمّة ، وجرت بينهم مخاطبات وجعل بعضهم يرجع ، فأعطى أمير المؤمنين عليهالسلام راية أمان مع أبي أيّوب الأنصاري رضي الله عنه. فنادى أبو أيّوب : من جاء إلى هذه الراية ، وفارق الجماعة فهو آمن ، فرجع منهم ثمانية آلاف رجل فأمرهم أمير المؤمنين عليهالسلام أن يتميّزوا منهم ، وأقام الباقون على الخلاف.
وروي أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام استنفر الناس فلم يجيبوه ، فقال :
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى |
|
فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ |
ثمّ استنفرهم فنفر معه ألفا رجل يقدمهم عديّ بن حاتم وهو يقول :
إلى شرّ خلق من شراة تحزّبوا |
|
وعادوا إله الناس ربّ المشارق |
ثمّ توجّه أمير المؤمنين نحوهم ، وكتب إليهم على يد (٢) عبد الله بن أبي عقب ، وفيها : والسعيد من سعدت به رعيّته ، والشقيّ من شقيت به رعيّته ، وخير
____________
١ ـ كذا في المناقب ، وفي الأصل : الدنيا.
٢ ـ في المناقب : يدي.