ثم قال عليهالسلام لعبد الله بن جعفر : قم فتكلّم.
فقام عبد الله ، وقال : أيها الناس ، إنّ هذا الأمر كان النظر فيه إلى عليّ عليهالسلام والرضى فيه لغيره فجئتم بعبد الله بن قيس فقلتم : لا نرضى إلا بهذا فارض به فإنّه رضانا ، وأيم الله ما استفدنا علماً ، ولا انتظرنا منه غائباً ، ولا أمّلنا ضعفه ، ولا رجونا به صاحبه ، ولا أفسدا بما عملا العراق ، ولا أصلحا الشام ، ولا أماتا حقّ عليّ ، ولا أحييا باطل معاوية ، ولا يذهب الحقّ رقية راقٍ ولا نفحة الشيطان ، وإنّا اليوم على ما كنّا عليه أمس ، وجلس.
ومن كلام أمير المؤمنين عليهالسلام (١) : ألاّ ومن دعا إلى هذا الشعار (٢) فاقتلوه ، ولو كان تحت عمامتي هذه ، فإنّما حُكّم الحكمان ليحييا ما أحيى القرآن ، ويميتا ما أمات القرآن ، وإحياؤه الاجتماع عليه ، وإماتته الافتراق عنه ، فإن جرّنا القرآن إليهم اتّبعناهم ، وإن جرّهم إلينا اتّبعونا ، فلم آت ـ لا أبا لكم ـ بُجراً ، ولا ختلتكم عن أمركم ، ولا لبّسته (٣) عليكم ، إنّما اجتمع رأي ملئِكم على اختيار رجلين ، أخذنا (٤) عليهما ألاّ يعتدّيا القرآن ، فتاها عنه ، وتركا الحقّ وهما يبصرانه ، فكان الجور هواهما فمضيا عليه ، وقد سبق استثناؤنا
____________
١ ـ نهج البلاغة : ١٨٥ خطبة رقم ١٢٧.
٢ ـ الشِعار : علامة القوم في الحرب والسفر ، وهو ما يتنادون به ليعرف بعضهم بعضاً.
٣ ـ البُجر : الشرّ والأمر العظيم. وختلتكم : خدعتكم. والتلبيس : خلط الأمر وتشبيهه حتى لا يعرف. وفي الأصل : لأ أبا لكم بجواب ، لا قلبّنكم عن أمركم ، ولا لبسنّه عليكم. وما أثبتناه في المتن وفقاً للنهج.
٤ ـ كذا في النهج ، وفي الأصل : أخذتما.