الشيطان ، واتّبع ما تتلو الشياطين على ملك سليمان (١).
أنت نور الحقّ ، ومحنة الخلق ، والسبب المتّصل بين الله وعباده ، والنهج الموصل لسالكه إلى سبيل رشاده ، لمّا أعلى الله على كلّ شأن شأنك ، ورفع على كلّ بنيان بنيانك ، وتوّجك بتاج العلم ، وحلّاك بحلية الحلم ، فصارت نفسك أشرف النفوس الإنسيّة ، وروحك أطهر الأرواح القدسيّة ، وقلبك مشكاة الأنوار الإلهيّة ، وذاتك مظهر الأسرار الربّانيّة ، وقرن طاعتك بطاعته ، ومعصيتك بمعصيته ، يدخل الجنّة من أطاعك وإن عصاه ، ويدخل النار من أبغضك وإن والاه.
وأمر رسوله أن يوردك في الغدير من زلال الاختصاص كأساً رويّاً ، وأن يرفع لك بآية التطهير في سماء الاخلاص كاناً عليّاً ، وأن يكمل الاسلام بعد نقصه بولايتك ، وأن يتمّ الايمان بصريح نصّه على خلافتك ، فقام صلىاللهعليهوآله آخذاً ميثاقك على الأسود والأحمر ، موجباً ولاءك على كلّ من أخلص بالوحدانيّة لربّه وأقرّ ، وأخلصك بالاصطفاء ، وخصّك بسيّدة النساء ، وأعلمنا أنّ الله سبحانه تولّى عقدة نكاحها بشريف إرادته ، وأشهد على ذلك مقرّبي ملائكته ، وقرن حبّه بحبّك ، وجعل ذرّيّته من صلبك.
فشمخت لذلك معاطس أقوام حسداً وكفراً ، وأضمروا في حياة نبيّهم لجلال رفعتك حقداً وغدراً ، حتى إذا نقل الله نبيّه إلى جواره ، واختصّه بدار قراره ، أظهروا ما كمن من نفاقهم ، وأشهروا ما بطن من شقاقهم ، واتّخذوا عجلاً كقوم موسى ، وفارقوا الحقّ كاُمّة عيسى ، وبالغوا في إخفاء دين الله بآرائهم ،
__________________
١ ـ اقتباس من سورة البقرة : ١٠٢.