يؤثرون في صومهم بقوت يومهم ولا يخشون أزمّة قرعت ، ( وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسكِيناً وَيَتِيماً وَأسِيراً ) (١).
لم يتبعوا صدقاتهم منّاً ولا أذى لمّا تصدّقوا ، وما فاهوا بما يكدر الصنعة وما نطقوا ، بل قالوا في سرائر ضمائرهم لمّا تصدّقوا وصدقوا : ( إنَّمَا نُطعِمُكُمْ لِوَجهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنكُم جَزَاءً وَلَا شُكُوراً ) (٢).
إنّا نطمع أن يغفر لنا ربّنا خطايانا يوم الدين ، إنّا نرغب أن يخلصنا ببذل معروفنا بالصالحين ، إنّا نطلب إليه أن يرقم أسماءنا في دفاتر المخلصين ، ( إنّا نَخَافُ مِن رَبِّنَا يَوماً عَبُوساً قَمطَرِيراً ) (٣).
تحقّقوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، وفرقوا من مقام التوبيخ حين العرض عليه ، وأشفقوا يوماً يعضّ الظالم على يديه (٤) ( فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ اليَومِ وَلَقَّاهُم نَضرَةً وَسُرُوراً ) (٥).
أجلسهم على بساط اُنسه في ظلّ جنابه ، وسقاهم من شراب قدسه أصفى شرابه ، وجعلهم خاصّة نفسه في دار ثوابه ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً ) (٦).
متقابلين فيها على مضاعفات الأسرّة والفرش ، في جنّة صعيدها رضوان الله وسقفها العرش ، قد نزع الله ما في صدورهم من غلّ وغشّ ، ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا
__________________
١ ـ سورة الإنسان : ٨.
٢ ـ سورة الإنسان : ٩.
٣ ـ سورة الإنسان : ١٠.
٤ ـ إشارة إلى الآية : ٥٧ من سورة الفرقان.
٥ ـ سورة الإنسان : ١١.
٦ ـ سورة الإنسان : ١٢.