وفائدة توقيت الحج بهذه الأشهر معرفة أن أفعال الحج لا تصح إلا فيها ، وإن كان الإحرام يصح في غيرها ، لأنه شرط للحج فيجوز تقديمه على وقت أدائه كتقديم الطهارة على أداء الصلاة.
(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) أي فمن أوجبه على نفسه بالإحرام فيهن أو بالتلبية أو بسوق الهدى ، لأن الحج عبادة لها تحريم وتحليل ، فلا يكفى للشروع فيه مجرد النية بل لا بد من فعل به يشرع فيه.
(فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ) أي لا يفعل الحاج شيئا من هذه الأفعال لأنه مقبل على الله قاصد لرضاه ، فينبغى أن يتجرد عن عاداته وعن التمتع بنعيم الدنيا ، وينسلخ عن مفاخره ومميزاته عن غيره بحيث يتساوى الغنى والفقير والصعلوك والأمير ، وفي هذا تهذيب للنفس وإشعار لها بالعبودية لله تعالى. وقد جاء في الصحيحين عن أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال «من حج ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».
إلى ما في ذلك من تعظيم شأن الحرم وتغليظ أمر الإثم فيه ، لأن المرء في أوقات العبادة ومناجاة الله ، يجب أن يكون على أكمل الآداب وأفضل الأحوال ، وللمرء في المجتمع من الآداب ما ليس له حين الخلوة ، وله في مجلس السلطان ما ليس له مع الإخوان.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) أي لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا لتصفو نفوسكم وتتخلى عن الرذائل وتتحلى بالفضائل ، وتكون أكثر استعدادا لعمل الخير ، وأطوع لامتثال أوامر الشرع ، والله يعلم ما تفعلون ، فيجازيكم بأعمالكم ويثيبكم على أفعالكم.
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) أي واتخذوا التقوى زادكم لمعادكم ، فإنها خير زاد.