كأن يكون بعضهم غنيا وبعضهم فقيرا عاجزا عن الكسب ، فمن الخير والمصلحة ألا يسوّى بين الغنى والفقير ، والقادر على الكسب ومن يعجز عنه.
وإذا أسلم الكافر وحضرته الوفاة ووالداه كافران فله أن يوصى لهما بما يؤلّف به قلوبهما ، وقد أوصى الله بحسن معاملتهما وإن كانا كافرين ، كما قال : «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً ، وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما».
(حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) أي أوجب ذلك حقا على المتقين لى المؤمنين بكتابي.
(فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) أي فمن غيّر الإيصاء من شاهد ووصىّ ، فإنما إثم التبديل على من بدّل ، وقد برئت منه ذمة الموصى وثبت له الأجر عند ربه.
والتغيير إما بإنكار الوصية ، أو بالنقص فيها بعد أن علمها حق العلم.
(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي إنه سميع لأقوال المبدّلين والموصين ، ويعلم نياتهم ويجازيهم وفقها.
ولا يخفى ما في هذا من شديد الوعيد للمبدّلين ، والوعد بالخير للموصين.
وهذه الوصية واجبة عند بعض علماء السلف كما ترشد إلى ذلك هذه الآية والحديث «ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شىء يريد أن يوصى به إلا ووصيته عند رأسه» وعند جمهور العلماء مندوبة.
ثم استثنى من إثم التبديل حالة ما إذا كان للإصلاح وإزالة التنازع فقال :
(فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أي إذا خرج الموصى في وصيته عن نهج الشرع والعدل خطأ أو عمدا ، فتنازع الموصى لهم في المال أو تنازعوا مع الورثة ، فتوسط بينهم من يعلم بذلك ، وأصلح بتبديل هذا الجنف