من السوء ، ويأمركم أي يوسوس لكم ويتسلط عليكم كأنه آمر مطاع ، وأنتم فى انقيادكم له ، كأنكم مأمورون ، ألفينا أي وجدنا ، وعقل الشيء عرفه بدليل ، وفهمه بأسبابه ونتائجه.
المعنى الجملي
بعد أن بين في الآية قبلها حال متحذى الأنداد يوم القيامة وذكر ما سيلاقونه من العذاب ، وأن الذين اتّبعوا سيتبرءون ممن اتبعوهم حين رؤية العذاب ، وتقطع الأسباب بينهم ، وهى المنافع التي يجنيها الرؤساء من المرءوسين والمصالح الدنيوية التي تصل بعضهم ببعض ، وقد علمت فيما سلف أن الأنداد قسمان :
(١) قسم يتّخذ شارعا يؤخذ رأيه في التحليل والتحريم من غير أن يكون بلاغا من الله ورسوله.
(٢) قسم يعتمد عليه في دفع المضارّ وجلب المنافع من طريق السلطة الغيبية لا من طريق الأسباب.
بين في هذه الآيات أن تلك الأسباب محرمة ، لأنها ترجع إلى أكل الخبائث واتباع خطوات الشيطان ، وأن سبب جمودهم على الباطل والضلال هو الثقة بما كان عليه الآباء من غير عقل ولا هدى.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) أي كلوا بعض ما في الأرض من أصناف المأكولات التي من جملتها ما حرّمتموه افتراء على الله من الحرث والأنعام أكلا حلالا طيبا.
قال ابن عباس : نزلت في قوم من ثقيف وبنى عامر بن صعصعة وخزاعة وبنى مدلج حرّموا على أنفسهم ما حرموا من الحرث والبحائر والسوائب والوصائل والحام.