وبعد أن أمر بذكره عند المشعر الحرام وكانوا لا يذكرونه هناك ، وأمر بذكره عند تمام قضاء المناسك بعد أيام منى حيث كانوا يذكرون مفاخر آبائهم ، أمر بذكره فى أيام منى فقال :
(وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ) الأيام المعدودات هى أيام منى ، وهى أيام التشريق الثلاثة من حادى عشر من ذى الحجة إلى ثالث عشر ، وقد روى أرباب السنن عن عبد الرّحمن بن يعمر قال : إن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة فسألوه ، فأمر مناديا ينادى «الحج عرفة ، من جاء ليلة جمع ـ مزدلفة ـ قبل طلوع الفجر فقد أدرك ، أيام منى ثلاثة أيام ، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ، ومن تأخر فلا إثم عليه».
وأردف رجلا ينادى بهن ، أي أركب معه رجلا ينادى بهذه الكلمات ، ليعرف الناس الحكم ، وهو أن من أدرك عرفة ولو في الليلة التي ينفر فيها الحاج إلى المزدلفة للمبيت فيها وهى الليلة العاشرة من ذى الحجة فقد أدرك الحج ، وأن أيام منى ثلاثة ، وهى التي يرمون فيها الجمار وينحرون فيها هديهم وضحاياهم ، فمن فعل ذلك في اليومين الأولين منها جاز له ، ومن تأخر إلى الثالث جاز له ، بل هو الأفضل لأنه الأصل.
وبينت السنة أن ذكر الله في هذه الأيام هو التكبير في إدبار الصلوات ، وعند ذبح القرابين ، وعند رمى الجمار ، روى عن الفضل بن العباس قال : كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع (مزدلفة) إلى منى ، فلم يزل يلبّى حتى رمى جمرة العقبة ، وروى عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان يكبر بمنى تلك الأيام ، وعلى فراشه ، وفي فسطاطه ، وفي مجلسه وفي ممشاه في تلك الأيام جميعا.
والذكر في يوم عرفة ويوم النحر لغير الحاج التكبير ، وللحاج هذا وغيره ، والمأثور من التكبير ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر كبيرا ، ومن التلبية ، لبيك اللهم لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك ، والملك لك ، لا شريك لك.
(فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى) أي من