خساسة الرق وقلة الخطر ، خير من مشركة حرة على مالها من شرف الحرية ونباهة القدر ولو أعجبتكم بحمالها ومالها وسائر ما يوجب الرغبة فيها.
إذ بالإيمان يكون كمال دينها ، وبالمال والجاه يكون كمال دنياها ، ورعاية الدين أولى من رعاية الدنيا إن لم يستطع الجمع بينهما ـ إلى أنه ربما حصلت المحبة والتآلف عند اتحادهما دينا فتكمل المنافع الدنيوية أيضا من حسن العشرة وحفظ الغيب وضبط الأموال والقيام على الأولاد بتنشئتهم تنشئة قويمة ، وتهذيب أخلاقهم حتى يكونوا قدوة لسواهم.
أخرج ابن ماجه عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لا تنكحوا النساء لحسنهنّ ، فعسى حسنهن أن يرديهن ، ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ، وانكحوهن على الدّين ، فلأمة سوداء ذات دين أفضل» وأخرج الشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين ، تربت يداك» أي افتقرت ، وظاهر هذا الأسلوب الدعاء عليه ، والمراد الدّعاء له ، وهو كثير الاستعمال في كلام العرب.
(وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) أي لا تزوجوهم المؤمنات إلا إذا آمنوا وتركوا ما هم عليه من الكفر ، وحينئذ يصيرون أكفاء لهن.
(وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ) أي ولمملوك مؤمن مع ما به من الذلة والمهانة خير من مشرك عزيز الجانب مهيب في أعين الناس.
وقصارى ما تقدم ـ إنه لا يجوز لنا أن نتصل بالمشركين برابطة الصهر لا بتزويجهم ولا بالتزوّج منهم ، إذ المرأة موضع ثقة الرجل ، يأمنها على نفسه وولده ومتاعه ، وما كان الجمال وحده ليحقق في المرأة هذا الوصف ، فالمشركة لا دين لها يحرّم عليها الخيانة ويأمرها بالخير وينهاها عن الشر ، فقد تخون زوجها وتفسد عقيدة ولدها.