فمن يقاتل بالقذائف النارية أو بالمدافع أو بالغازات السامة يقاتل بمثلها حتى يمتنع عن الظلم والعدوان ، والفتنة والاضطهاد ، ويوجد الأمان والاطمئنان بين الناس.
(وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) أي واحذروا أن تعتدوا بما لم يرخص لكم فيه ، واعلموا أن الله مع المتقين بالمعونة والتأييد ، والنصر والتمكين ، والغلبة لهم على أعدائهم تأييدا لدينه وإعلاء لكلمته.
ثم أمر بالجهاد بالمال بعد الأمر بالجهاد بالأنفس فقال :
(وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي وابذلوا المال في وسائل الدفاع عن بيضة الدين ، فاشتروا السلاح والكراع وعدد الحرب التي لعدوكم مثلها إن لم تزيدوا عليه حتى لا يكون له الغلب عليكم ، وإلى هذا أشار بقوله :
(وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) أي إنكم إن لم تبذلوا في سبيل الله وتأييد دينه كل ما تستطيعون من مال وإعداد للعدّة فقد أهلكتم أنفسكم.
روى أن أبا أيوب الأنصاري قال : فينا معشر الأنصار نزلت هذه الآية ، إنه لما أعزّ الله دينه ، ونصر رسوله همس بعضنا في أذن بعض ، إن أموالنا قد ضاعت ، وإن الله قد أعزّ الإسلام وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله على نبيه ما يردّ علينا ما قلنا (وَأَنْفِقُوا) الآية فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وترك الغزو ، رواه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم فى جماعة آخرين.
والخلاصة ـ إن المشركين كانوا بالمرصاد للمؤمنين ، وهم من الكثرة بحيث يخشى شرّهم ، فلو انصرف المؤمنون عن الاستعداد للجهاد إلى تثمير الأموال لأوقعوا بهم ، فيكونون حينئذ قد ألقوا بأيديهم إلى التهلكة.
(وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) أي وأحسنوا كل أعمالكم وجوّدوها ولا تهملوا إتقان شىء منها ، ويدخل ذلك التطوع بالإنفاق في سبيل الله لنشر دعوة الدين.