فى المساجد للعبادة ، فإن المباشرة نهطل الاعتكاف ولو ليلا كما تبطل الصيام نهارا.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَقْرَبُوها) أي إن هذه الأحكام المشتملة على الإيجاب والتحريم والإباحة هى حدود الله وأحكامه فلا تقربوها ، إذ من قرب من الحد أو شك أن يتعداه كالشاب يداعب امرأته في النهار يوشك ألا يملك إربه ، فيقع في المباشرة المحرّمة ، أو يفسد صومه بالإنزال ، فالاحتياط يقتضى ألا يقرب الحدّ حتى لا يتجاوزه بالوقوع فيما بعد ، ومن ثم جاء في الحديث : «إن لكل ملك حمى ، وإن حمى الله محارمه ، فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه».
فالتحذير في هذه الآية أشد منه في الآية الأخرى «تلك حدود الله فلا تعتدوها» والله لم ينه عن قرب حدوده إلا في هذه الآية وفي الزنا وفي مال اليتيم ، ولكن تعدّد فيه الوعيد على تعديها.
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي على هذا الطريق السوىّ من بيان أحكام الصيام في أوله وآخره ، وعزيمته ورخصته ، وفائدة مشروعيته وحكمته ، يبين الله آياته للناس ليعدّهم لتقواه ويباعدهم عن الهوى.
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨))
تفسير المفردات
المراد بالأكل الأخذ والاستيلاء ، وعبّر به لأنه أعم الحاجات التي ينفق فيها المال وأكثرها ، إذ الحاجة إليه أهم ، وتقويم البنية به أعظم ، والباطل من البطلان وهو الضياع والخسران ، وأكله بالباطل أخذه بدون مقابلة شىء حقيقى ، والشريعة حرمت أخذ المال بدون مقابلة يعتدّ بها ، وبدون رضا من يؤخذ منه ، وإنفاقه في غير وجه