بقوله : «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً» وطلب إلينا أن ندعوه بالتوفيق للسرور بالزوجة الصالحة والولد البارّ فقال : «رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ».
فالزواج الشرعي وقربان المرأة ابتغاء النسل من أعظم القرب ، وتركه مع القدرة عليه وعدم المانع مخالف لناموس الفطرة وسنته تعالى في شريعته.
وحين قال عليه الصلاة والسلام : «وفي بضع أحدكم صدقة» قالوا يا رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال : «أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر»؟
وقصاري ذلك ـ إن الإسلام لم يجعل العبادة في تعذيب النفس ومخالفة سنة الفطرة بترك ما أحلّ الله من لذات الدنيا ، توهما بأن ذلك مما يرضى الخالق جلّ وعلا.
(إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) أي إن الله يحب الذين يرجعون إليه تائبين غير مصرّين على سيئ أفعالهم ، بتغليب سلطان الشهوة على سنة الفطرة حين أتوا نساءهم في المحيض أو في غير المأتي الذي أمر الله به.
(وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) أي وإنه تعالى يحب كل من نزّه نفسه عن الأقذار ، وابتعد عن ارتكاب المنكرات ، وهؤلاء أحبّ إلى الله ممن فرطت منهم الزلة ووقعوا في الدنس ثم تابوا.
(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أي لا حرج عليكم في إتيان نسائكم بأى كيفية شئتم ما دمتم تقصدون الاستيلاد في الموضع الطبيعي ، فالشارع لا يقصد إلى إعناتكم وحظر اللذة عليكم ، بل يريد لكم الخير والمنفعة ، ولا يريد المفسدة بوضع الأشياء فى غير مواضعها.
وقد جاءت هذه الآية عقب سابقتها ، كالبيان لها شارحة وجه الحكمة التي لأجلها شرع غشيان النساء ، وهو حفظ بقاء النوع البشرى بالاستيلاد ، كما يحفظ النبات بالزرع والحرث ، لا لذة المباشرة لذاتها ، ومن ثمّ لا يحل لكم أن تأتوا النساء في زمن الحيض