(٣) أنه يعوّد الشفقة والرحمة الداعيتين إلى البذل والصدقة ، فهو عند ما بجوع يتذكر من لا يجد قوتا من أولئك البائسين ، فيرقّ قلبه لهم ويشفق عليهم ، وفي ذلك تكافل للأمة وشعور بالأخوة الدينية.
(٤) أن فيه المساواة بين الأغنياء والفقراء ، والملوك والسوقة ، فى أداء فريضة دينية واحدة.
(٥) تعويد الأمة النظام في المعيشة ، فهم يفطرون في وقت واحد ، لا يتقدم واحد على آخر.
(٦) أنه يفنى المواد الراسبة في البدن ، ولا سيما في أجسام المترفين أولى النّهم قليلى العمل ، ويجفف الرطوبات الضارة ، ويطهر الأمعاء من السموم التي تحدثها البطنة ، ويذيب الشحم الذي هو شديد الخطر على القلب ، وقد أثر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : «صوموا تصحّوا» وقال بعض علماء أوربا : إن صيام شهر واحد في السنة يذهب الفضلات الميتة في البدن مدة سنة. ومن يصم على هذا الوجه يكن راضيا مرضيّا مطمئنّا لا يجد في نفسه اضطرابا ولا قلقا من مزعجات الحوادث ، ولا عظيم المصايب والكوارث ، نعم إن وجد شىء من هذا كان جثمانيّا لا روحانيّا.
وأين هذا من الصوم الذي عليه أكثر المسلمين اليوم من إثارته للسخط والغضب لأدنى سبب حتى صاروا يعتقدون أنه أثر طبيعى للصوم ، وهو وهم استحوذ على النفوس حتى صار كأنه حقيقة واقعة.
وهذا الأثر في نفوسهم مناف للتقوى التي شرع الصيام لأجلها ، ومخالف لما جاء من الآثار من نحو قوله صلى الله عليه وسلم : «الصيام جنّة» أي ستر ووقاية من المعاصي والآثام.
ويرى الأوزاعى أن الغيبة تفطر الصائم ، وقال ابن حزم يبطله كل معصية من متعمّد لها ذاكر لصومه ، وقال الغزالي : من يعصى الله وهو صائم كمن يبنى قصرا ، ويهدم مصرا.