وقد روى ابن جرير أن سبب نزول الآية أن أبا بكر حلف ألا ينفق على مسطح بعد أن خاض في قصة الإفك بافترائه على عائشة ، وقد كان من ذوى قرابته ، وفيه نزل :
«وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى» الآية.
كذلك بين أنه لا يؤاخذ باليمين اللغو فلا يعاقب عليها ولا يفرض فيها كفارة ، كما أرشد إلى أن من آلى من امرأته ينتظر عليه مدة أربعة أشهر ، وبعدها إما أن يرجع إليها ويحنث في اليمين ، وإما أن يطلق.
الإيضاح
(وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) أي ولا تجعلوا الحلف بالله مانعا لما حلفتم على تركه من عمل البر ، فتتركوه تعظيما لاسمه ، فالله لا يرضى أن يكون اسمه حجابا دون الخير ، فكثيرا ما يسرع الإنسان إلى الحلف بألا يفعل كذا ويكون خيرا ، أو أن يفعل كذا ويكون شرا ، فنهانا الله عن ذلك وأمرنا بتحرى وجوه الخير ، فإذا حلفنا على تركها فلنفعلها ولنكفر عن اليمين بما سيأتى في سورة المائدة.
(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي والله سميع لما تلفظون به ، عليم بنواياكم ، فعليكم أن تراقبوه فى السر والعلن ، وتراقبوا حدود شرائعه لتكونوا من المفلحين.
ولا يخفى ما في هذا من شديد الوعيد والتهديد.
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) أي لا يؤاخذكم بما يقع منكم من الأيمان في حشو الكلام دون أن تقصدوا به عقد اليمين ، فلا يفرض عليكم فيه كفارة ولا يعاقبكم به.
(وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) أي ولكن يؤاخذكم بالكفارة أو العقوبة بما نوت قلوبكم وقصدته من اليمين ، حتى لا تجعلوا اسمه الكريم عرضة للابتذال ، أو مانعا من صالح الأعمال.
(وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) فيغفر لعباده ما ألموا به من الذنوب ، ولا يتعجلهم بالعقوبة ، ولم يكلفهم ما يشق عليهم مما لم تقصده قلوبهم ، ولا يدخل تحت سلطان الاختيار.