حيث لا استعداد لقبول الزرع ، ولا في غير المأتى الذي يتحقق به الاستيلاد.
(وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ) ما يقدّم للنفس هو ما ينفعها في مستأنف حياتها ، ولا شىء أنفع للإنسان في مستقبله من ولد بارّ ينفعه في دينه ودنياه كما جاء في الحديث «إن الولد الصالح من عمل المرء الذي ينفعه بعد موته» ولا يكون الولد كذلك إلا إذا أحسن والداه تربيته وهذباه وجعلاه ذا خلق عظيم.
وهذا يدعو إلى اختيار المرأة الودود الولود ، التي تعين الرجل على تربية ولده بحسن خلقها وعملها ، وتكون قدوة حسنة له ، إذ ينشأ وهو يرى فضائلها وجلائل أعمالها فتنطبع صورتها في نفسه ، فيشبّ وهو كامل الأخلاق حميد الصفات ، كما يختار الزارع الأرض الصالحة التي تؤتي جيد الغلة.
وقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) أي واحذروه بأن تخرجوا النساء عن كونهنّ حرثا بإضاعة مادة النسل في الحيض ، أو بوضعها في غير موضع الحرث ، أو بأن تختاروا المرأة السيئة الأخلاق التي تفسد تربية الأولاد بإهمالها ، وسوء القدوة في معاشرتها.
ثم أوعد من يخالفون أمره فقال :
(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) أي واعلموا أنكم ستلاقون ربكم في الآخرة ، فيجازيكم على عصيانه ومخالفة أمره ، وتتجرّعون من جراء ذلك العذاب الأليم.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أي وبشر المؤمنين الذين يقفون عند حدود دينهم ، ويتبعون هدى ربهم في أمر النساء والأولاد ، فيسعدون بنعيم الدنيا والآخرة ؛ فمن يختر لنفسه الزوجة الصالحة ، ويحسن تربية ما رزقه الله من الأولاد ، يكن قرير العين سعيدا بما يرى من حسن حاله وحال أهله وولده.
أما من تطغى عليه شهواته ، فيخرج عن السنن التي شرعها الله لعباده ، فإنه لا يسلم من المنغصات في هذه الحياة ، وهو في الآخرة أتعس حالا وأضلّ سبيلا.
فالسعادة كل السعادة في تكميل النفس بصادق الإيمان وفاضل الأخلاق ، واطمئنان