ينبغى لهم ذلك ، فإن أباهم إبراهيم الذي يفخرون به وينتسبون إليه هو الذي ابتناه وجعله مباءة للناس وأمر بتطهيره من الشرك للطائفين والمصلين ، وأن ينادى فى النّاس ليأتوه من كل فج عميق ، لما لهم فى ذلك من منافع دينية ودنيوية ، ويذكروا اسم الله فى أيام النحر على ما آتاهم من بهيمة الأنعام ، فاذكروه على ذلك ، وكلوا منها ، وأطعموا الفقراء والبائسين ، فإذا قضيتم مناسككم فأزيلوا ما عليكم من الوسخ والقذر ، فقلّموا أظفاركم وأزيلوا شعوركم ، ثم وفّوا ما عليكم من نذور كنتم قد نذرتموها من أعمال البر والخير ، ثم طوفوا طواف الزيارة بالبيت العتيق ، وبذلك تكونون قد أتممتم مناسك الحج.
الإيضاح
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ) أي واذكر أيها الرسول لهؤلاء المشركين الذين يصدون عن سبيل الله وعن دخول المسجد الحرام ـ الوقت الذي جعلنا فيه هذا البيت مباءة للناس يرجعون إليه للعبادة ، والمراد بذكر الوقت ذكر ما وقع فيه من حوادث جسام ، ليتذكروا فيقلعوا عن غيّهم ويرعووا إلى رشدهم ، ويستبين لهم عظيم ما ارتكبوا من خطاء ، وكبير ما اجترحوا من جرم ، بصدهم الناس عن بيت بناه أبوهم ، وجعله الله قبلة للناس فى الصلاة ومكانا للطواف حين أداء شعيرة الحج.
(أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) أي وقلنا له : لا تشرك بي شيئا من خلقى فى العبادة وطهّر بيتي من الأوثان والأقذار لمن يطوف به ويصلى عنده.
(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) أي وقلنا له : ناد الناس داعيا لهم إلى الحج وزيارة هذا البيت الذي أمرت بينائه ـ يأتوك مشاة على أرجلهم وركبانا على ضوامر من الإبل من كل طريق بعيد.
ثم بين السبب فى هذه الزيارة فقال :