العليا ، وتكون كلمة عدو دينه السفلى ، ولقد أنجز الله وعده. وسلط المهاجرين والأنصار على صناديد قريش وأكاسرة العجم وقياصرة الروم وأورثهم أرضهم وديارهم.
ونحو الآية قوله : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ».
(إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) أي إن الله لقوى على نصر من جاهد فى سبيله من أهل طاعته ، منيع فى سلطانه ، لا يقهره قاهر ، ولا يغلبه غالب.
ونحو الآية قوله : «كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ، إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ» وقوله : «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ».
ثم وصف الله الذين أخرجوا من ديارهم بقوله :
(الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ) أي هؤلاء الذين أخرجوا من ديارهم هم الذين إن مكنا لهم فى البلاد ، فقهروا المشركين وغلبوهم عليها ـ أطاعوا الله فأقاموا الصلاة على النحو الذي طلبه ، وأعطوا زكاة أموالهم التي حباها لهم ، ودعوا الناس إلى توحيده ، والعمل بطاعته ، وأمروا بما حثت عليه الشريعة ، ونهوا عن الشرك واجتراح السيئات.
وخلاصة ذلك ـ إنهم هم الذين كمّلوا أنفسهم باستحضار المعبود والتوجه إليه فى الصلاة على قدر الطاقة ، وكانوا عونا لأممهم بإعانة فقرائهم وذوى الحاجة منهم ، وكمّلوا غيرهم ، فأفاضوا عليهم من علومهم وآدابهم ، ومنعوا المفاسد التي تعوق غيرهم عن الوصول إلى الرقى الخلقي والأدب السامي.
ثم وعد بإعلاء كلمته ونصر أوليائه فقال :
(وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) أي ولله آخر الأمور ومصايرها ، فى الثواب عليها أو العقاب فى الدار الآخرة.
ونحو الآية قوله : «وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ».