وخلاصة ذلك ـ إنهم فى نهاية المراقبة لربهم ، يجمعون بين الطاعة فى القول والفعل.
ثم علل هذه الطاعة ، بعلمهم بأن ربهم محيط بهم ، لا تخفى عليه خافية من أمرهم فقال :
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ) أي ما يعلم ما عملوا وما هم عاملون ، لا تخفى عليه خافية مما قدموا وأخروا ، فلا يزالون يراقبونه فى جميع شئونهم.
(وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) أي وهم لا يشفعون إلا لمن رضى عنه ، فلا تطمعوا فى شفاعتهم لكم بغير رضاه تعالى.
قال ابن عباس : هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله ، وقد ثبت فى الصحيح أن الملائكة يشفعون فى الدار الآخرة ، قال قتادة أي لأهل التوحيد.
(وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) أي وهم من خوف الله والإشفاق من عقابه حذرون أن يعصوه ويخالفوا أمره ونهيه.
(وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) أي ومن يدعى منهم أنه إله مع الله فجزاؤه جهنم على ما ادعى كسائر المجرمين ، ولا يغنى عنه ما سبق من أوصافه ومرضىّ أفعاله.
قال قتادة والضحاك وغيرهما : عنى بهذه الآية إبليس حيث ادعى الشركة ودعا إلى عبادة نفسه وكان من الملائكة ، ولم يقل أحد من الملائكة (إِنِّي إِلهٌ) غيره.
(كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) أي وهكذا نجزى كل من ظلم نفسه ، فكفر بالله وعبد غيره.
وخلاصة ما تقدم ـ إنه تعالى وصف الملائكة بخمس صفات تدل على العبودية وتنافى الولادة.
(١) المبالغة فى الطاعة ، فإنهم لا يقولون قولا ولا يفعلون فعلا إلا بإذنه.
(٢) إنه سبحانه يعلم أسرارهم وهم لا يعلمون أسراره ، فهو المستحق للعبادة لا هم كما قال عيسى عليه السلام : «تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ».