ما هم فيه من الضلال أنهم متّعوا فى الحياة الدنيا ونعموا بها وطال عليهم العمر حتى اعتقدوا أنهم على شىء.
وقصارى ذلك ـ إنهم طالت أعمارهم وهم فى الغفلة فنسوا عهدنا ، وجهلوا مواقع نعمتنا ، فاغتروا بذلك ولم يعرفوا مواضع الشكر.
ثم بين لهم سوء مغبتهم فقال :
(أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها؟) أي أفلا يرى هؤلاء المشركون بالله المستعجلون للعذاب آثار قدرتنا فى إتيان الأرض من جوانبها ، ففتحناها للمؤمنين وزدناها فى ملكهم واقتطعناها من أيدى المشركين؟ فقد تم لهم فتح البلاد التي حوالى مكة وقتل رؤسائها وإزالة دولة الشرك وأهله منها ، ألا يفكرون فى هذا فيكون لهم فيه مزدجر لو كانوا يعقلون؟.
والخلاصة ـ ألا يعتبرون ويحذروا أن ينزل بهم بأسنا كما أنزلناه بسواهم؟.
ثم وبخهم وأنّبهم على غفلتهم عن الحق بعد وضوحه فقال :
(أَفَهُمُ الْغالِبُونَ) أي أفهم الغالبون أم نحن؟ أي أفبعد ظهور ما ذكر ورؤيتهم إياه يتوهمون غلبتهم؟.
وبعد أن بين هول ما يستعجلون ، وحالهم السيئة حين نزوله بهم ، ثم نعى عليهم جهلهم وإعراضهم عن ذكر ربهم الذي يكلؤهم من طوارق الليل وحوادث النهار ، أمر رسوله أن يقول لهم : إن ما أخبركم به جاء به الوحى الصادق فقال :
(قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) أي إنى إنما أنذركم ما تستعجلونه من الساعة وشديد أهوالها ـ بالوحى الصادق الناطق بحصوله وفظاعة أهواله ، وقد أمرنى ربى بذلك ، وهأنذا قد قمت بما أمرنى به ، فإن لم تجيبوا داعى الله وتقبلوا ما دعوتكم إليه فعليكم النكال والوبال لا علىّ.
ثم أردف هذا أن الإنذار مع مثل هؤلاء لا يجدى فتيلا ، فما حالهم إلا حال الصم الذين لا يسمعون دعوة الداعي فقال :