روى ابن جرير والبيهقي فى جماعة عن سعد بن أبى وقاص أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : «دعوة ذى النون فى بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ، لم يدع بها مسلم ربه فى شىء قط إلا استجاب له».
وروى عن أنس مرفوعا أنه عليه الصلاة والسلام حين دعا بذلك أقبلت دعوته تحفّ بالعرش ، فقالت الملائكة هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة ، فقال الله تعالى : أما تعرفون ذلك؟ قالوا يا رب من هو؟ قال ذاك عبدى يونس ، قالوا عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبّل ودعوة مجابة ، يا رب أفلا ترحم من كان يصنع فى الرخاء فتنجيه من البلاء؟ قال بلى ، فأمر الحوت فطرحه ، فذلك قوله :
(وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ) الذي ناله حين التقمه الحوت ، فجعلناه يقدفه إلى الساحل بعد ساعات ، قال الشعبي : التقمه ضحى ، ولفظه عشيّة.
(وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) من كربهم إذا استغاثوا بنا طالبين رحمتنا.
قال الرازي : شرط كل من يلتجىء إلى الله أن يبدأ بالتوحيد ، ثم بعده بالتسبيح والثناء ، ثم بالاستغفار والاعتراف بالذنب ، وسيأتى ذكر هذا القصص فى الصافات ون.
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ (٩٠))
المعنى الجملي
بين سبحانه فى هذا القصص انقطاع زكريا إلى ربه لمّا مسه الضر بتفرده ، وأحب أن يكون معه من يؤنسه ويقوّيه على أمر دينه ودنياه ، ويقوم مقامه بعد موته ،