(خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ) أي ضيّع نفعهما ، وزالت عنه فائدتهما ، فإنه خسر فى الدنيا العزّ والكرامة وإصابة الغنيمة ، وخسر فى الآخرة الثواب الدائم ، بل حل به العقاب اللازب.
(ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) أي ذلك هو الخسران الذي لا خسران مثله لمن تدبر فيه وتفكر.
ثم أكد عظم ذلك الخسران بقوله :
(يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) أي يعبد من دون الله آلهة لا تضره إن لم يعبدها فى الدنيا ، ولا منفعة له فى الآخرة إن عبدها.
(ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) أي ذلك الارتداد وعبادة تلك الآلهة دون الله هو السير على غير استقامة والذهاب على غير هدى ، فما مثله إلا مثل من أبعد فى التيه ضالا ، وبعدت مسافة ضلاله ، فلم يهتد إلى الصراط السوي ، ولم ينل ما يبتغى وبلغت به الحيرة كل مبلغ.
ثم زاد ما سلف توكيدا وبين مآل دعائه وعبادته غير الله فقال :
(يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) أي يقول الكافر برفع صوت وصراخ حين يرى تضرره بذلك المعبود ودخوله النار بسببه ، ولا يرى أثرا مما كان يتوقع من نفعه لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير.
وخلاصة ذلك ـ أىّ عشير هذا ، وأي ناصر ذاك الذي لا ينفع ولا ينصر من يعاشره؟ والله لبئس العشير ولبئس النصير.
(إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤))