للتعيين والمعيّن. فالقضيّة المعيّنة تلك التي يكون موضوعها واحدا ، لأنّ التعيين هو التحديد وامتياز الشيء من غيره. وإذا كانت القضيّة الشخصيّة اصطلاحا تأثّر به الغزالي بابن سينا وذكره في المقاصد والمعيار ، فإنّ القضيّة المعيّنة تفاعل بها الغزالي مع اللغة العربيّة وأصول الفقه. ولقد استخدمها في المحكّ ومقدّمة المستصفى. وكنّا وضّحنا أيضا معنى المطلق ، وذكرنا أنّه يحمل بمعناه العموميّة ، ويدلّ على غير المعيّن وغير المقيّد في الفقه.
ويستعمل الغزالي المطلقة العامّة في المحكّ ومقدّمة المستصفى ليشير إلى القضيّة الكليّة. والإطلاق العامّ هو يحمل معنى على معنى ليتشكّل حكم عامّ. وقد عرف الجرجاني المطلقة العامّة قائلا : «هي التي حكم فيها بثبوت المحمول للموضوع أو سلبه عنه» (١).
فعمليّة الإطلاق العامّ تعني إطلاق مفهوم على عموم الموضوع ، وهذا يفيد في الأصول بإطلاق الأحكام العامّة تعميما أو تخصيصا. بينما تدل المطلقة الخاصّة على إطلاق الحكم أو حمل المفهوم على حال معيّنة مقيّدة ، وهذا يفيد في الفقهيّات التي تميّز بين الأحكام العامّة والحكم الخاصّ.
ويوحي الاختلاف بتبنّي الخلفيّة الإسلامية تماما والخروج من المصطلحات المنطقية. وبهذا نرى التحوّل في كتابة الغزالي ، الذي انتقل من منطقيّ ناسخ في المقاصد ، إلى مستخدم للتعابير في المعيار (القضيّة العامة والقضيّة الخاصّة) ، حتى بلغ مداه عالما إسلاميا أصوليا في المحكّ.
فسخّر القالب المنطقي للإطلاق العامّ والخاص الفقهيين. وقد حدّد غرضه في تنقيح النظريّات والاستفادة منها بالفقهيّات ، إذ قال : «إيّاك أن تسامح بهذا في النظريات ، فتغلط ومثاله من الفقه ..» (٢) ويتناول الغزالي في
__________________
(١) الجرجاني ، التعريفات ، ص ١٤٩.
(٢) الغزالي ، المحكّ ، ص ٢٥.