المحكّ ، وفي معظم أمثلته على القضيّة ، أقوالا فقهيّة ، مبيّنا مثلا ضرورة الاحتراز من القضايا المهملة ، وعدم اعتبارها قضايا عامة أو كليّة. فيذكر :
أن المطعوم (١) ربويّ ، قضيّة مهملة ، لا يصحّ اعتبارها عامة في قياس ، كما فعل الشافعي (٢). وظهرت في المحكّ القضايا ذوات الجهة أيضا بشيء من الاختصار. وحلّ تعبير الاستحالة مكان الامتناع.
لم يغضّ الغزالي الطرف عن تقابل القضايا ، فقد ذكرها ، وتحدّث عن القضيّتين المتنافيتين التي تصدق إحداها وتكذب الأخرى. ومثالهما : العالم حادث ، العالم ليس بحادث (٣). كما وضع مجموعة شروط لتقابل القضايا ، تتطابق في جملتها مع ما جاء في المعيار. لكنّها تختلف بأمثلتها المستوحاة من الإسلام. فأورد مثلا قرآنيا ليؤكد على ضرورة وحدة الحكم ، أو المحمول ، في المتقابلتين ، قال : «العالم قديم ، العالم ليس بقديم. وأردت بأحد القديمين ما أراد اللّه تعالى بقوله : (كَالْعُرْجُونِ اَلْقَدِيمِ ..) (٤). وذكر مثالا فقهيا ليصرّ على وحدة الإضافة في المتقابلتين ، أيضا : إذ «المرأة مولى (٥) عليها ، المرأة ليس بمولى عليها. وهما صادقتان بالإضافة إلى النكاح والبيع وإلى العصبة ...» (٦). فلم تعد القضيّتان متقابلتين هنا ، لأنّ المرأة مولّى عليها بمعنى ، وليس مولّى عليها بمعنى آخر.
__________________
(١) المطعوم من طعم وطعام. ويستعمل الفقهاء التعبير للدلالة على الأطعمة من تمر وقمح ورز وشعير وسفرجل وغيرها. وغرض الغزالي ضرورة الحذر وتبيان كم القضيّة فيقال بعض المطعوم ربويّ مثلا.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٢٥.
(٣) المصدر نفسه ، ص ٢٦ ـ ٢٧.
(٤) المصدر نفسه ، ص ٢٧.
(٥) أي عليها وليّ أمر وكيل ومسئول.
(٦) المصدر نفسه ، ص ٢٧.