الاصطلاح تأليف الكلمات والجمل مترتّبة المعاني متناسبة الدّلالات على حسب ما يقتضيه العقل ...» (١). و «النظم الطبيعي هو الانتقال من موضوع المطلوب إلى الحدّ الأوسط ثمّ منه إلى محموله حتى يلزم منه النتيجة» (٢).
فاللفظة تحمل دلالات وجذورا دينيّة ولغوية. مما يؤكد بدء اتّسام معاني الغزالي المنطقيّة بالسّمات الإسلامية البحتة.
أما النظم الأول من القياس الحمليّ فصورته بأن «تكون العلّة حكما في إحدى المقدّمتين محكوما عليه في الأخرى ..» (٣). ونرى الغزالي يضع تعبيري الحكم والمحكوم عليه ، ويستحدثهما بدلا من الموضوع والمحمول ، مثلما صنع في مبحث القضيّة من هذا الكتاب. كما يدخل العلّة مكان الحدّ الأوسط ، إذ يقول : «فلنصطلح على تسمية المكرّر في المقدّمتين علّة .. فإنّه إذا قيل لك لم قلت إنّ النبيذ حرام فنقول لأنه مسكر ..» (٤). ومن ثمّ درجت العلّة في المحكّ وفي مقدمة المستصفى ، كما سنرى. وتقوم العلّة بربط الحكم في الكبرى بالمحكوم عليه في الصغرى. بينما تقوم في الفقه بربط الأصل بالفرع. وقد أعطى أبو البقاء تعريفا لها اقترب من وجهة نظر الغزالي ، فقال : «العلة ما يتوقف عليه الشيء ... اللّه أوجب الحكم لأجل هذا المعنى ، والشارع على ذكره قد أثبت الحكم بسبب .. فيضاف الحكم إلى اللّه تعالى إيجابا وإلى العلّة تسبّبا.
كما يضاف الشبع إلى اللّه تخليقا وإلى الطعام تسبيبا (٥). هناك إذا علّة أوجبت معنى الحكم في الأصل ، وهي توجب الحكم بالفرع. كما أنّ هناك علّة تعاقبية سندها الحقيقي اللّه. وينحو الغزالي فلسفيّا هذا المنحى.
__________________
(١) المرجع نفسه ، ص ١٦٦.
(٢) المرجع نفسه ، ص ١٦٦.
(٣) الغزالي ، المحكّ ، ص ٣١.
(٤) المصدر نفسه ، ص ٣٢.
(٥) الكفوي ، الكليّات ، ص ٢٥٠.