بالفعل ذلك الشيء الموضوع ، فإن كان هواء كانت كلها هواء وإن كان ماء كانت كلها ماء. وإذا كانت كلها تتغير وكان التغير إلى الضد والموضوع إلى تلك الأضداد ثابت وموجود بالفعل ، فواجب أن يكون تغيرها إنما هو استحالة لا تكوّن ، وذلك شنيع. وأيضا فإنه إذا كانت مثلا النار نارا وهواء معا ، والماء ماء وهواء معا إذا قلنا مثلا أن الهواء هو الموضوع لجميعها لزم أن يوجد المتضادان في موضوع واحد ، وذلك أنه لما كان كل واحد منهما يتغير إلى ذلك الواحد الذي هو الهواء مثلا ومن ذلك الواحد ، وكان كل تغير إنما / يكون بمضادة إحداهما في المتغير (١) منه والثانية في المتغير إليه ، ولنضع أن الهواء هو ذلك الواحد الموضوع ، ولنضع أن المضادة التي بين الهواء والنار التي أحدهما في النار والثانية في الهواء هي حرارة في النار وبرودة في الهواء ويبوسة في النار ورطوبة في الهواء على ما هو موجود من أمرهما فإذا تغيرت النار إلى الهواء فإنما يكون ذلك بأن تتغير اليبوسة إلى تلك الرطوبة إذا كان الهواء شيئا رطبا والنار يابسة. وإذا كان ذلك كذلك فليس يمكن إذا تغير الهواء نارا ان تكون النار نارا وهواء معا ، لأنه يلزم أن يكون الشيء يابسا رطبا معا وذلك محال. وإذا كان ذلك كذلك فالشيء الموضوع لهما هو ضرورة شيء غير موجود بالفعل وهو الهيولى المشتركة. وهذا بعينه يلزم إن كان الموضوع لها أكثر من واحد منها وكذلك لا يمكن أيضا أن يكون هاهنا جسم آخر غيرها منه كونها ، كأنك قلت جسم متوسط بين الهواء والماء وبين الهواء والنار أغلظ من الهواء وأرق من الماء أو أرق
__________________
١ ـ المتغير : أ ؛ المتغاير : ب ، م.