ديمقراطس ولوقيس فانهم راموا ان يعطوا لهذه الأشياء فصولا تتميز بها بعضها عن بعض وذلك ان هذين قالا ان مبدأ الأشياء هي الاجسام الغير منقسمة ، الغير متناهية من قبل العدد والشكل ، وان الكون والفساد يعرض باجتماع هذه وافتراقها ، واما الاستحالة فباختلافها بالتركيب والوضع. قالوا وذلك انه يعرض للكيفيات أن تختلف من قبل هذين او أحدهما ومثل ذلك الهجاء والمديح فانهما كيفيتان مختلفتان وهي تتركب من حروف واحدة وانما تختلف بتركيبها. قالوا وهذا هو السبب في ان كان كل تخيل حقا وفي ان / كان يعرض ان يرى في الشيء الواحد بعينه احوال متضادة وغير متناهية ، وهي كلها حق وذلك ان الوضع والترتيب لمّا كان لا يتناهى في الشيء الواحد بعينه من قبل اختلافه في نفسه ومن قبل اختلاف نظر الناظرين اليه امكن عندهم ان يرى انسان الشيء الواحد بعينه ابيض ويراه الآخر اسود او متحركا ويراه الآخر ساكنا كل ذلك حق لان الطبيعة للكيفيات ليس شيئا اكثر من تبديل الوضع والترتيب ، ولما كان هذان الشيئان يختلفان باختلاف الناظرين اليه لاختلاف الجهات ، فقد يعرض ان يرى الشيء الواحد بعينه واحدا ساكنا ويراه الآخر متحركا ، وكلا الرؤيتين حق وليس للون عندهم ولا لسائر الكيفيات طبيعة غير هذه ، وبالجملة فانهم إنما احتاجوا لهذا الرأي في الاستحالة لما كانوا يعتقدون ان كل تخيل حق.