السبب المحرك صنفان : إما اول وعام ، وإما لا اول ولا عام فاما الأول العام لجميع المتحرك فقد تبين وجوده في السماع؛ وذلك انه قد تبين هنالك ان هاهنا صنفين من المحركين احدهما غير متحرك الدهر كله بل محرك فقط ، والثاني متحرك عنه الدهر كله. فاما تلخيص جوهر هذين المحركين فمن شأن الفلسفة الأولى وأما المحركات غير الأول الجزئية الدائمة التحريك التي من قبلها ايضا صار الكون دائما فسيلخص / فيما بعد. واذا كان هذا هكذا فالقصد هاهنا انما هو إعطاء (١) السبب الهيولاني الذي من قبله كان الكون والفساد دائما الى ان نتكلم بعد في الاسباب الجزئية الفاعلة لهذه الحال من الاتصال في الكون. وباعطاء هذا السبب الذي من جهة الهيولى ينحلّ الشك الذي تقدم ، وهو كيف يكون ما بالقوة عريا مما بالفعل. وقد ينبغي قبل ان ناتي بهذا السبب ان نذكر الشك الذي يلحق من قبل الموضوع في اتصال الكون ، والشك هو هكذا : ان كان الفاسد انما يفسد ويصير ما ليس هو بموجود ولا واحدا من المقولات العشر وكان المتكون يتكون من موجود متناه فقد يلزم ضرورة ان يبيد الكل ويخرب العالم لانه ليس لقائل ان يقول انما دام التكون لان ما منه الكون ليس ينفذ ولا يتم لانه غير متناه (٢) بالفعل. فان وجود شيء غير متناه بالفعل قد تبين انه محال ، وان الممكن من وجود غير المتناهي انما هو بالقوة ، مثل
_________________
١ ـ إعطاء : أ ؛ لا عطاء : ب.
٢ ـ متناه : أ ؛ متناهي : ب.