موجود فيما قلنا من أن السبب في اتصال الكون هو أن الهيولى الاولى ليس يمكن أن تتعرى من أحد الضدين أبدا ، أعني أن الكون يكون من موجود والفساد إلى [غير] موجود ، فإن غير الموجود إنما يدل به على اخس الضدين ، والموجود يدل به على اشرفها. وإذا كان ذلك كذلك فبالواجب الا ينحل الكون لان فساد غير الموجود الذي هو الضد الاخس يكون ابدا كونا للموجود الذي هو الضد الاشرف والمحسوس اكثر ، وفساد الضد الاشرف يكون كونا لغير الموجود الذي هو الضد الاخس والغير محسوس والمحسوس / أقل ذلك.
وقد يتشكك في هذا ويقال هل قولنا الموجود وغير الموجود ينطلق على الضدين اللذين احدهما اشرف من الآخر ، مثل ان يكون الثقيل الذي هو الأرض هو غير موجود والخفيف الذي هو النار هو الموجود ، ام غير الموجود يدل على هيولى الضد الاخس كانك قلت هيولى الأرض ، والموجود يدل على هيولى الضد الاشرف كأنك قلت هيولى النار ، وهذا يوجب أن ننظر هل هذه الهيولى هل هي بعينها واحدة لجميع هذه الاجسام الأربعة ام ليست هي واحدة بعينها فنقول :
إنها من وجه واحدة بعينها ولذلك امكن ان تستحيل بعضها الى بعض ، ومن جهة كثير وبذلك امكن ان تقبل الصور المتضادة ، فهي واحدة بالموضوع كثيرة بالقوة والاستعداد لقبول الصور المتضادة وهذه الاستعدادات بعضها ايضا اشرف من بعض لكون كمالاتها أشرف.
فهذا مبلغ ما قاله في أمر التكون المطلق والتكون الغير المطلق أعني في الجوهر.