عن البياض الا بالعرض ، مثل ان يتفق ان يكون الخط اسود ، وإذا كان ذلك كذلك فالشيء إنما ينفعل بما هو شبيه. فقد تبين لنا من هذا أن الفاعل والمنفعل هو من جهة شبيه ومن جهة مخالف ، وإذا تأملنا الأشياء الفاعلة والمنفعلة ظهر لنا أنها اضداد ، فإنه ليس يخرج الشيء شيئا عن طبعه الا أن يكون [ذلك الشيء] له ضدا ، ولذلك لم يمكن اي شيء اتفق أن ينفعل عن اي شيء اتفق. فإذا كانت الأشياء الفاعلة والمنفعلة هي أضداد ، وكانت الاضداد متشابهة بالجنس اذ كانت واحدة ومختلفة بالنوع ، فواجب أن تكون الأشياء الفاعلة والمنفعلة متشابهة بالجنس مختلفة بالنوع. فأما أن الفاعلة والمنفعلة هي اضداد فذلك ظاهر بالقول كما تقدم ، وبالاستقراء ، وذلك أن الجسم إنما شأنه أن يقبل التأثير من جسم مضاد له مثل تكوّن النار عن الهواء وكذلك الطعم عن طعم مضاد له ، واللون عن لون أيضا مضاد له والسبب في القبول هو الجنس المشترك لهما ، وفي الفعل هو الضدية. وليس الصدق موجودا في هذه القضية المأخوذة هاهنا اعني القائلة إن الأشياء الفاعلة المنفعلة هي اضداد ، بل وعكسها يظهر ايضا انه صادق وذلك انه إذا وضعنا ان الاضداد متفقة بالجنس مختلفة بالنوع [وان المتفقة بالجنس المختلفة بالنوع] فاعلة ومنفعلة ينتج لنا من ذلك أن الاضداد وما بينها < يليها > هي الفاعلة والمنفعلة. وهذا البيان وان كان لا يفيد بذاته تصديقا على الاطلاق اذ كان بيانا (١) بالدور ، فقد يفيدنا كما
_________________
١ ـ بيانا : أ؛ بينا : ب ، م.