فإنهم جعلوا الوسط مختلطا من الطرفين وهم الذين زادوا مع النار والأرض الهواء. وجعلهم إياها ثلاثة يشبه جعل أفلاطون المبادي الثلاثة ، الصغير والكبير والواحد ، ومن جعلها اثنين متفقين في جعلهم فيها طرفين ووسطا ، إلا [أن] من جعلها اثنين تكون المتوسطة عنده اثنين ، ومن جعلها ثلاثة تكون المتوسطة عنده واحدة ، وكلهم يضعون متضادة واحدة وموضوعا لها. وأما الذين جعلوها أربعة بمنزلة ابن دقليس فإنه يردها إلى مضادة واحدة أعني إلى ضدين اثنين وذلك أنه يجعل الضد الواحد النار والثاني الباقية كلها. فكلهم لم يتجاوزوا عدد الأربعة ، وجعلوا فصولها المتضادة الملموسة ، ولذلك كانت هذه الاجسام ليست أسطقسات أولى وإنما هي مركبة لا بسيطة. والاسطقسات البسيطة هي التي منها تركبت هذه ، وهي أشياء تشبه هذه في الكيفية لا أن هذه هي تلك بعينها. مثال ذلك أن الشيء البسيط في النار إن كان يشبه النار فعلى انه شيء ناري لا نار والشيء البسيط في الهواء إن كان يشبه الهواء فعلى أنه هوائي لا هواء / وكذلك الامر في سائرها.
٢٧ ـ قال :
ولما كانت النار هي الغاية في الحرارة والجليد هو الغاية في البرودة ، إذ كان الغليان للنار والجمود للجليد ، والغليان والجمود نهايتان في البعد ، فواجب أن يكون الجليد هو ضد النار. فإذا كان الجليد جمود رطب بارد فواجب أن تكون النار غليان حار يابس. ولكون هذين في الغاية لم يتولد عن واحد منهما شيء أصلا أعني الجليد والنار والاسكندر يقول إن هذا إنما يوجد للنار التي هاهنا ، وأما النار التي في نهاية المحيط فليست تلك في غاية الحرارة والغليان تلخيص الكون