وأعزه بعمر ثم هم يزعمون مع ذلك أن أبا بكر كان أفضل منه وقد اسلم من قبله بسنين كثيرة فلم يعز الله به الدين حتى أعزه بعمر ، أفليس يلزم في حق النظر أن يكون من اعز الله به الذين أفضل ممن لم يعزه به قاتلهم الله أنى يؤفكون.
وهذا سبيل في التخرص والافتراء كسبيل روايتهم : ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ان تولوها ابا بكر تجدوه قويا في دين الله ضعيفا في نفسه وان تولوها عمر تجدوه قويا في دين الله قويا في نفسه (١) فانظروا يا اهل الفهم هل يكون في الجهل أبين من جهل من زعم ان رسول الله (ص) شهد لرجل بقوة في الدين وقوة في نفسه واخبر عن آخر بزعمهم بقوة في الدين وضعف في نفسه ثم هم مع ذلك يزعمون ان من كان قويا في الدين ضعيفا في نفسه أفضل ممن هو قوي في الدين قوي في نفسه ألا يعلم ذو الفهم أن من كان قويا في الحالين افضل ممن كان قويا في حال واحد ثم هم ايضا
__________________
(١) قال الشريف الجليل علم الهدى السيد المرتضى في الشافي ص ٢٤٥ وشيخ الطائفة الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي ص ٤٢٠ أما ما روى من قوله وان وليتم عمر تجدوه قويا في أمر الله قويا في بدنه فهذا لو ثبت لدل على صلاحه للامامة لكون دون ثبوته خرط العتاد؟ فانه خبر واحد لا يقطع على صحته ، وأقوى ما يبطله عدول أبي بكر عن ذكره والاحتجاج به لما أراد النص على عمر فعوتب على ذلك وقيل له ما تقول لربك ، إذ وليت علينا فظا غليظا ولو كان صحيحا لكان يحتج به ويقول وليت عليكم من شهد النبي (ص) بأنه قوي في أمر الله قوي في بدنه ، على ان ظاهر هذا الخبر يقتضى تفضيل عمر على أبي بكر والاجماع بخلاف ذلك لان القوة في الجسم فضل قال الله تعالى ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم فكيف يعارض ما علمناه من عدوله عن توليته بهذا الخبر المردود والمدفوع (الكاتب)