كان له قال ـ فكيف هو قال لم اجد في المدينة مثله قال هو لك بهذه النخلة واجعلها لي قال قد فعلت فدفع إليه البستان وأخذ منه تلك النخلة فجعلها لصاحب الدار فقطعها من حائطه وضمن له رسول الله (ص) نخلة في الجنة فأنزل الله تعالى فيهما فقال في صاحب البستان (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى) يعني بالحسنى الجنة حين ضمن له رسول الله (ص) النخلة فيها ، وشاهد ذلك ان الحسنى هي الجنة ما رووه جميعا عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال في تفسير قوله عز وجل (للذين احسنوا الحسنى وزيادة) قال الحسنى الجنة والزيادة النظر الى الله سبحانه قال الله (فسنيسره لليسرى) ثم قال في صاحب النخلة التي بخل بها ولم يصدق بضمان رسول الله (ص) النخلة في الجنة (وأما من بخل واستغنى) يعني بخل بالنخلة واستغنى عند نفسه بالبستان الذي أخذه عوض نخلته (وكذب بالحسنى) يعني كذب بالجنة حتى لم يثق بكلام رسول الله (ص) (فسنيسره للعسرى وما يغنى عنه ماله إذا تردى ان علينا للهدى وان لنا للاخرة والاولى) ثم قصد جماعة المسلمين بذلك فأنذرهم فقال (فأنذركم نارا تلظى لا يصلاها الا الاشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الاتقى الذي يؤتى ماله يتزكى) ترغيبا في فعل الخير ، أفلا ترى ان التفسير في هذا كله بخلاف ما يدعيه ويتخرصه أهل الجهل (١)
وأما ما رووا عن عمر من قوله حين أسلم ، لا يعبد الله سرا بعد هذا اليوم ، لعمري لقد كان ذلك منه غير مدفوع ، ولكن لو علموا ما عليهم وعلى صاحبهم فيه ما أقروا به ولجحدوه ولكن الله قد أعمى قلوبهم وختم على سمعهم وعلى ابصارهم فهم كما قال الله عز وجل (أم تحسب ان اكثرهم
__________________
(١) أورد هذا التفسير للاية الواحدي في اسباب النزول ص ٣٣٤ بسنده الى الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس ، ومثله السيوطي في أسباب النزول وقال اخرجه الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس.