وكفره بالرحمن لم يكن ذلك كله من تزيين الشيطان ، فأول ما يلزمهم في هذا الخبر تكذيب الله عز وجل ومن كذب الله كفر بالاجماع وذلك ان الله تعالى يقول في قصتهم يوم أحد حين انهزموا وتركوا الرسول (ص) (ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا) فلم لم يهب عمر حين استزله معهم حتى هرب في جملة الهاربين ولم يخف الشيطان حسه ولم يهرب منه وهو يعدو في الجبل هاربا كما روى اولياؤه عنه انه قال (رأيتني يوم احد وانا اعدو في الجبل منهزما مثل اروى (١) ومثل هذا لا يشتغل بالنظر فيه والاستماع له ذو فهم.
ومثله في الكذب والمحال روايتهم ان السكينة تنطق على لسان عمر (٢) فهل يظن ذو فهم من كانت السكينة تنطق على لسان يخطئ ويزل حتى ينادي على نفسه لولا فلان لهلك فلان ، وانه قال على المنبر يوما لا يتجاوزن
__________________
ـ ج ١ ص ٢٠٨ الى ص ٢٠٩
(الكاتب)
(١) أروى بفتح الهمزة بعدها راء مهملة ساكبة ثم واو مفتوحة بعدها الف مقصورة بوزن فعلي وهو جمع أروية بضم الهمزة واروية بكسر الهمزة ضأن الجبل يستعمل للذكر والانثى.
(٢) ذكر هذه الرواية المحب الطبري في الرياض النضرة في ترجمة عمر كما انه روى بطرق عديدة ان الحق ينطق على لسان عمر ، قال السيد الجليل المرتضى على الهدى رحمه الله في الشافي ص ١٧٩ ـ ص ١٨٠ في رده على قاضي القضاة (ما نصه) وأما ما رواه من قوله ان الحق ينطق على لسان عمر فهو مقتض ان كان صحيحا عصمة عمر والقطع على ان اقواله كلها حجة وليس هذا مذهب أحد عي عمر لانه لا خلاف في انه ليس بمعصوم وان خلافه سائغ وكيف يكون الحق ناطقا على لسان من يرجع في الاحكام من قول الى قول ويشهد على نفسه في الخطأ ويخالف في الشئ ثم يعود الى قول من خالفه فيوافقه عليه ويقول لولا علي لهلك عمر ولولا معاذ ـ