(قالوا) فلما رأى عمر ذلك واطأ ابا جهل على ان يظهر الاسلام والدخول في دين رسول الله ـ ص ـ ثم يحملهم على المنابذة ولتجد قريش الى قتله سبيلا عند وقوع المنابذة فصار عمر الى رسول الله ـ ص ـ فأعلمه انه قد رغب في دينه والدخول في الاسلام وأظهر ذلك ثم قال رسول الله ـ ص ـ ما بالنا نعبد الله سرا وقال للذين قد كانوا قد اسلموا مع رسول الله ـ ص ـ اخرجوا حتى نقاتل المشركين وسل سيفه وقال من تعرض لنا ضربناه بسيوفنا وقدر ان رسول الله ـ ص ـ يتبعه على ذلك فإذا رأت قريشا سيفا مسلولا وجدوا السبيل الى سل السيوف فيكون ذلك سببا لقتل الرسل ـ ص ـ إذ كان على من سل سيفه فقد وجد عدوه الى سل سيفه ايضا بحذائه سبيلا فلما فعل عمر ذلك قال له رسول الله ـ ص ـ ان كنت يا عمر جئت راغبا في الاسلام فارض بما رضي به اخوانك من المسلمين من الصبر على الاذى والكف عن المنابذة فانى لم أومر بشي من هذا حتى يقدر الله سبحانه ما يشاء وان كنت جئت طالبا غير الدين فلسنا من اصحابك ، فلما لم يجد عمر الفرصة فيما قصد له صار متحيرا مداهنا يخاف ان لا يكون للرسول ـ ص ـ دولة فيهلك معه ان اظهر لقريش الرغبة في الدين ويخاف ايضا ان يكون للرسول دولة من بعد فلا يكون له من دولته نصيب فيبقى عند ذلك مداهنا للجميع (قال) ومن الدليل على ذلك ان الرسول ـ ص ـ لما حوصر في شعب عبد المطلب مع بني هاشم لم يحاصر معه عمر ولا أبو بكر واصطلحا جميعا على المداهنة والانتظار ، فسل سيفه في تلك الحالة من أعظم الكفر لانه كان حيلة منه اراد ان ينقض بها على رسول الله ـ ص ـ تدبيره ويجعل ذلك سببا لقتل الرسول ـ ص ـ فانظروا الى قوم يدعون ذلك فضيلة لصاحبهم وهو في قولهم خطأ وجهل وفي قول آخرين كفر والحاد وعتو وعناد فهل يكون في الجهل أبين من جهل هؤلاء القوم وأقل نظرا وتميزا يتخبطون في الظلمات ويتيهون في الضلالات لا يعرفون حقا ولا يقلعون عن باطل.