أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان الطوسي ، حدثنا الزّبير بن بكار ، حدثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي ، عن زكريا بن عيسى ، عن ابن شهاب أن (١) مروان بن الحكم خطب إلى أبي جهم بن حذيفة ابنته سعدى على ابن يحيى بن الحكم بإعانة خالتيه مليكة وسعدى وسائر بنات عوف فكلّمن أبا جهم فيه ، وقلن : انكح ابن أخينا ، فأبى ، وعمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة ، فأرسل إلى ابن قطن مولى أبي جهم فدعاه فسأله فقال : يا ابن قطن أترى أبا جهم منكحا ابني إن خطبنا إليه أم نخشى أن يردّنا كما رد يحيى بن الحكم قال : سأنظر لك في ذلك ، فذهب إلى أبي جهم فقال : إن عمرو بن سعيد دعاني فذكر لي الخطبة إليك على ابنه أمية بن عمرو ، وسألني كم كان مروان عرض عليكم لأخته من الصداق وأخبرته بالذي عرض مروان فقال لي : إن كان أبو جهم يريد ردّي فاخف ذلك ، فقال له أبو جهم سأنظر في ذلك ودعا حميد فقال : يا حميد بن أبي أحيحة أحب إليك أن أنكحه ، أم ابن خالتك يحيى بن الحكم؟ قال : أنت أعلم وأبصر. فلم يزل الرسل بينهم حتى وعدهم ، فأرسل أبو جهم إلى عبد الله بن عمر وعبد الله بن مطيع في رجال من بني عديّ وجاء عمرو (٢) بن سعيد في رجال من آل سعيد وبني أمية فجلس مع أبي الجهم على السرير ثم قال : هل تنتظرون من أحد؟ قال أبو جهم : ينتظر محمد بن أبي جهم اذهب يا غلام فادع لنا محمدا ، فذهب الغلام يدعوه ، فقال محمد : لا والله لا أشهد نكاحها وعبد الله بن مطيع عند رجليه ، وصخر بن أبي جهم عند رأسه ، فرجع الرسول إلى محمد : إنّي أعزم عليك لتأتينه ، فأقبل يمشي حتى قام بين الناس فقال : أنكح أيها الرجل ابنتك فإني لا والله لا أدخل في شيء من ذلك ، ولا أشهد نكاحها ثم انصرف ، وذلك لبعض الأمر كان بينه وبين عمرو بن سعيد. ثم تكلم عمرو بن سعيد فذكر ما كان بين أبي جهم وبين آل سعيد بن العاص وعظّم من بيت أبي جهم وشرفه بما يحق تعظيمه. ثم إن أبا جهم تكلّم فذكر منهم ما كانوا له أهلا حتى قال : أنتم بيت قومكم ، وكان شبهكم فيها شبه الأدحية ثم نشرها ، فأخذ عبد الله بن مطيع برجليه فقال : حسبك يرحمك الله ، تجاوز يرحمك الله. فقال دعني يا عبد الله ، فإني والله ما أنا من الذين ينفسون على العشيرة ولا يتشوفون بهم ، فلم يزل ذلك
__________________
(١) بالأصل «بن» والصواب عن م.
(٢) بالأصل : «عمر».