الموضوع هوله ، كما في. ضرب زيد ، وكل لفظ هكذا : اسم إذا أريد به مجرد اللفظ ، كما في قولك : ضرب فعل ماض ، وهذا لا ينتج أن الفعل اسم لعدم اتحاد الوسط.
فإن قيل : فإذا كان نحو «من» و «ضرب» في قولك : من حرف جر ، وضرب فعل ماض ، اسمين ، فكيف أخبرت عنهما بأن الأول حرف والثاني ، فعل وهل هذا إلّا تناقض؟
قلت : لم نرد أن «من» في هذا التركيب حرف ، و «ضرب» فعل ، بل المعنى أن «من» إذا استعمل في المعنى الذي وضع له أوّلا نحو : خرجت من الكوفة : حرف ، وكذا ضرب فعل ماض في نحو : ضرب زيد.
ومثله إذا قلت مدلول الفعل لا يخبر عنه ، فإنك أخبرت عن قولك : مدلول الفعل ، بقولك : لا يخبر عنه ، لأن المراد : مدلول الفعل إذا كان تحت لفظ الفعل ، لا يخبر عنه وقولك مدلول الفعل ليس كذا.
وكذا قولك : الفعل لا يسند إليه ، أي الفعل إذا كان بلفظه ، نحو : ضرب زيد وقصدت معناه الموضوع هو له.
وكذا قولهم : المجهول مطلقا لا يحكم عليه ، أي الشيء الذي لا شعور به أصلا لا يحكم عليه ، ولفظ المجهول مطلقا ، مشعور بمعناه إذ هو : ما لا نعرفه.
ففي جميع ذلك مبتدآن :
أحدهما محكوم عليه بشيء ، وهو المذكور في لفظك ، والآخر محكوم عليه بنقيض ذلك وهو المكنىّ بلفظك عنه.
فلا يلزم التناقض لأن التناقض لا يكون إلا مع اتحاد الموضوعين (١).
__________________
(١) في هذا البحث علّق السيد الجرجاني في النسخة المطبوعة وناقش الرضى مناقشة طويلة في الألفاظ عند الحكم عليها وفيما اشتهر من أن الألفاظ حينئذ كلها أسماء وقال إن هذا أمر ظاهري. وللرضى في باب العلم حديث طويل في هذا الموضوع.