وإنما لم يجز ترخيم المضاف والمضاف إليه ، على ما اختاره البصرية ولا ترخيم الجملة علمين ، لأنهما إذا سمّى بهما يراعى حال جزأيهما قبل العلمية من استقلال كل واحد من الجزأين باعرابه على ما يجيء في باب التركيب ، فلما كان كل واحد من جزأيهما مستقلا من حيث اللفظ أي الإعراب لمراعاة حالهما قبل العلمية ، وانمحى ، بعد العلمية ، عن كل واحد من جزأيهما معنى الاستقلال ، لأن عبد الله ، وتأبط شرا ، من حيث المعنى كزيد وروعى اللفظ والمعنى معا ، لم يمكن الحذف من الأول نظرا إلى المعنى ، اذ ليس بآخر الأجزاء ، ولم يمكن حذف الثاني ولا حذف آخر الثاني نظرا إلى اللفظ ، فامتنع الترخيم فيهما بالكلية ؛
ويجوز أن يعللّ امتناع ترخيم المضاف والمضاف اليه ، بأن المضاف اليه لم يمتزج امتزاجا تاما بحيث يصح حذفه بأسره أو حذف آخره بدليل أن إعراب المضاف باق والإعراب لا يكون الا في آخر الكلمة ، ولم يكن ، أيضا ، منفصلا عن المضاف بحيث يصح حذف آخر المضاف للترخيم بدليل حذف التنوين وهو علامة تمام الكلمة منه لأجل المضاف إليه ، فهو متصل بالمضاف إليه بالنظر إلى سقوط التنوين من المضاف ، منفصل عنه لبقاء الإعراب على المضاف كما كان. فلم يصح ترخيم أحدهما ، والمضارع للمضاف حكمه حكم المضاف ؛
وإنما لم يرخّم المستغاث المجرور باللام لعدم ظهور أثر النداء فيه من النصب ، أو البناء ، فلم يورد عليه الترخيم الذي هو من خصائص المنادى ، وهذه العلة تطرد في ترك ترخيم المضاف والجملة علمين.
وامتنع الترخيم في المستغاث الذي في آخره زيادة المدّ ، لأن الزيادة تنافي الحذف ، وكذا المندوب لأن الأغلب فيه زيادة مدة في آخره لإظهار التفجع وتشهير المندوب (١) ، وغير المزيد فيه قليل نادر.
__________________
يشق بها العساقل موجدات |
|
وكل عرندس ينفي اللّغاما |
والعساقل جمع عسقول وهو السراب. قال البغدادي وليس المراد بالعساقل الكمأة كما زعم العيني ، لأنه يصف قطع الإبل للفيافي راجعة بأمامة. والموجدات الإبل القوية والعرندس كسفرجل الجمل الشديد ، واللغام ما يخرج من فم البعير من الزبد لنشاطه.
(١) تشهير المندوب أي اظهار شهرته.