١٥٧ ـ صعدة نابتة في حائر |
|
أينما الريح تميّلها تمل (١) |
فلو اضطر الشاعر إلى الفصل نحو متى زيدا تزره يزرك فالنصب واجب ، لوجوب تقدير الفعل بعدها.
قوله : «وفي الأمر والنهي» ، قد تقدم ذلك بعلته (٢).
قوله : «وعند خوف لبس المفسّر بالصفة» ، إذا (٣) أردت مثلا أن تخبر أن كل واحد من مماليكك ، اشتريته بعشرين دينارا ، وأنك لم تملك أحدا منهم إلا بشرائك بهذا الثمن ، فقلت : كلّ واحد من مماليكي اشتريته بعشرين ، بنصب «كل» ، فهو نص في المعنى المقصود لأن التقدير : اشتريت كلّ واحد من مماليكي بعشرين ، وأما إن رفعت «كل» ، فيحتمل أن يكون «اشتريته» خبرا له ، وقولك «بعشرين» متعلقا به ، أي : كل واحد منهم مشترى بعشرين ، وهو المعنى المقصود ، ويحتمل أن يكون «اشتريته» صفة لكل واحد ، وقولك «بعشرين» هو الخبر ، أي كلّ من اشتريته من المماليك فهو بعشرين ، فالمبتدأ إذن ، على التقدير الأول (٤) : أعمّ ، لأن قولك : كل واحد من مماليكي : عمّ من اشتريته ، ومن اشترى لك ، ومن حصل لك منهم بغير المشترى من وجوه التملكات ؛ والمبتدأ على الثاني ، لا يقع إلا على من اشتريته أنت ، فرفعه ، إذن ، مطرق لاحتمال الوجه الثاني الذي هو غير مقصود ومخالف للوجه الأول ، إذ ربما يكون لك على الوجه الثاني منهم من اشتراه لك غيرك بعشرين أو بأقل منها أو بأكثر ، وربما يكون ، أيضا ، لك منهم جماعة بالهبة أو الوراثة أو غير ذلك ، وكل هذا خلاف مقصودك ، فالنصب ، إذن ، أولى لكونه نصا في المعنى المقصود ، والرفع محتمل له ولغيره.
__________________
(١) الصّعدة القناة المستقيمة تشبه بها المرأة الفارعة الطول والحائر : المكان المطمئن من الأرض يتحير فيه الماء فيجيء ويذهب والشجر النابت في هذه الأمكنة يجود ويطول. وهذا البيت لكعب بن جعيل : شاعر أموي.
(٢) في أول هذا البحث ص ٤٥٩.
(٣) هذا تمهيد لشرح المثال الذي أورده المصنف من القرآن ، وقد أطال الرضى في هذا التمهيد ، وفي بعض ما قاله مجال للبحث.
(٤) من تقديري الرفع ، وكذلك فيما يأتي من قوله على الثاني.