قلت : لأنه لو لم يعتد بالمخرج فى نحو يعملة يظهر أثر الموازنة على المخرج عن الموازنة : أى على التاء ، وذلك الأثر سقوط الجر والتنوين ، بخلاف أثر الإعلال.
ونحو جولان وحيدان عند المبرد شاذ خارج عن القياس ؛ فإن أورد عليه نزوان وغليان ، وقيل : إن اللام بالتغيير أولى ، أجاب بأنه لو قلب لزم الحذف ، فيلتبس فعلان بفعال ؛ إذ يبقى نزان وغلان ، وكذا قال الأخفش فى حمار حيدى والصّورى : إنهما شاذان وجعل ألف التأنيث كالتاء غير مخرجة للكلمة عن وزن الفعل ، والأولى قول سيبويه ، لما ذكرنا.
فان قيل : كيف أعل نحو العياذ واللّياذ باعلال فعله ، ولم يعلّ نحو الطّيران والدّوران والتّقوال والتّسيار باعلال أفعالها ، وكلاهما لا يوازن فعليهما ؛ فان كان جرى المصدر على الفعل وعمله عمله فى نحو عياذ كافيا فى إعلاله فليكن كذلك فى طيران وغليان.
قلت : طلب الكسرة لقلب الواو التى بعدها ياء أشدّ من طلب الفتحة لقلب الواو والياء التى بعدها ألفا ألا ترى إلى كثرة نحو قول وبيع ، وقلة نحو بيع ، وعدم نحو قول بكسر الفاء وسكون الواو ، فبأدنى مشابهة بين المصدر وفعله يعل المصدر بقلب واوه ياء لانكسار ما قبلها لقوة الداعى إليه ، وإذا بنيت من غزا ورمى مثل جبروت (١) فالقياس غزووت ورميوت ؛ لخروج الاسم بهذه الزيادة عن
__________________
ومن هنا تعلم أن اليعملة اسم وليست علما ولا صفة حتى يدعى لها أنها ممنوعة من الصرف لو لا التاء التى أخرجتها عن وزن الفعل ؛ لكونها من خصائص الأسماء وهذا الذى ذكرناه هو مذهب سيبويه فى هذه الكلمة ، وقد نص على أن يفعل لم يأت وصفا ، وذهب غيره إلى أن اليعملة وصف منقول من مضارع عمل ، وعلى هذا يتجه كلام المؤلف
(١) الجبروت : الكبر والقهر ، انظر (ح ١ ص ١٥٢)